كتب رياض معزوزي/الجزائر
أشار الدكتور عمار خوجة حسين، اختصاصي في أمراض الحساسية،الى أن للتغير المناخي الذي يطرأ بين موسم وآخر، وكذا التلوث البيئي الذي تعرفه كبريات المدن الجزائرية ، أثرا كبيرا على صحة الإنسان، حيث يظهر على شكل أمراض حساسية، من شأنها أن تتحول لأمراض مزمنة، وتشكل خطرا على الصحة العمومية.وفي حديثه لنا عن أهم أمراض الحساسية بالجزائر، أشار الدكتور عمار خوجة حسين الاختصاصي في أمراض الحساسية، أنها نفس الأمراض التي تعرفها مختلف دول العالم ، مضيفا أن أهمها حساسية الأنف، وكذا داء الربو.
وعن حساسية الأنف التي نشهدها خاصة في هذه الفترة الربيعية ، أشار محدثنا أنها تمس الكبار والصغار على حد سواء ، وأن سببها الرئيسي يتمثل في غبار طلع النباتات، وهي المادة التي تكثر في فصل الربيع، مما يؤدي إلى انتشار ملحوظ لأمراض الحساسية. وعن تسبب هذه المادة في ذات الأمراض، أضاف الدكتور عمار خوجة، أن حرارة الطقس وعامل الرياح، التي تميز فصل الربيع تعمل على جفاف النباتات، وبالتالي يصبح غبارها خفيفا، ويسهل انتشاره عبر الهواء، وهوما يعني استنشاقه من قبل الأشخاص، مما يؤدي للحساسية. إضافة إلى هذا العامل الطبيعي، أكد اختصاصي أمراض الحساسية، أن للتلوث البيئي الذي تشهده معظم مدننا، وعلى الخصوص الجزائر العاصمة، دورا في تفاقم أمراض الحساسية، مشيرا كذلك، إلى أن غاز السيارات والشاحنات، وكذا الغازات التي تنفثها المعامل وأعمال البناء، كلها عوامل حاثة على ظهور أمراض الحساسية. هذا فيما يخص التلوث الخارجي، علما أن هناك تلوثا داخليا ممثلا في غبار المنزل، ودخان السجائر ومزيلات روائح المنزل،والحساسية لبعض الأدوية، وكذا بعض المواد الغذائية والمواد المنزلية الكاشطة، وحسب محدثنا، فكل شيء غريب عن جسم الإنسان، سواء، استنشقه أولامسه، يمكن أن يسبب له حساسية. وتبقى الوقاية من هذا الأمراض، حسب الدكتور عمار خوجة، ممثلة في اتقاء مسببات ذلك، كاتقاء التواجد بأماكن حارة للمصابين بالربو، وعدم ترك نوافذ البيت مفتوحة لاتقاء دخول غبار الطلع، مع الحرص على الاستحمام بمجرد الدخول للمنزل، إذا كان الشخص المعني في فترة استراحة بمنطقة غابية. وتجدر الإشارة إلى أن أعراض الحساسية تكون في شكل عطس متواصل، وحكة الأنف والعين مع سعال متواصل في أوقات معينة، وهي أعراض مشابهة لأعراض الزكام، الذي تصاحبه حمى عند الشخص المصاب،
في حين تنعدم الحمى عند المصاب بالحساسية. كما يتوجب على المصاب بالحساسية ألا يتعاطى المضادات الحيوية عند تكرر هذه الأمراض، لأنها تعمل على تفاقم الحساسية باعتبارها ـ أي المضادات الحيوية ـ جسما غريبا، من شأنه أن يبطل المناعة عند من يعاني من الحساسية، حسب ذات المختص، وفي سياق متصل فان الجزائر مطالبة بتكثيف تشجير وغراسة النباتات التي تساهم في التخفيف من حدة التلوث بحيث تشير المعلومات من أن كمية الهواء التي تدخل الى رئتينا حوالي عشرة آلاف ليتر من الهواء ( 10آلاف ليتر) وهي ليست كلها هواء نقياً..
ونحن نقضي ما بين 12- 20ساعة يومياً في الداخل، ما بين المكتب والمنزل والمخزن.. الخ. ومختلف انواع النشاط الذي يجبرنا على أن نكون بعيداً عن الهواء النقي.. وتشكل النباتات مخزوناً من الهواء النقي تحمي الانسان والبيئة من التلوث، فكيف يمكن الاستفادة منها؟و لاحظ العلماء ان النباتات لا تعطي الاوكسجين فقط في الهواء بل تقوم بتنقيته وتسحب منه الملوثات المختلفة. وبعض انواع النباتات المهمة في هذا المجال هي النباتات الاستوائية والتي نزين بها بعض الغرف في بيوتنا ولا نعرف فوائدها البيئية. وتتميز هذه النباتات بأن لديها كل ما تحتاجه من اجل أن تعيش وتنمو وتستعمل البيئة بشكل جيد. ويقول احد الباحثين في الزراعة البيئية ان هذه النباتات كلما عرضت لعامل التلويث كانت قدرتها أكبر على مقاومته. والملوثات متعددة في محيطنا البيئي الصغير مثل الأثاث المصنوع من الخشب الجزيئات المطبوخة بطريقة صناعية، ومواد التنظيف والدخان ومواد تلميع الاثاث، وروائح الطلاء، والمواد اللاصقة والغبار..
وغيرها كثير. وتعد هذه المواد الملوثة مؤلفة من جزيئات عضوية البنزين والامونياك والترايكلور والفرومالدهايد وغيرها، وهي مواد يمكن ان تسبب حساسية جلدية أو تؤثر في المجاري التنفسية وغير ذلك من اعراض.وتدل بعض الدراسات التي اجريت في ألمانيا وهولندا واستراليا أن هناك ثلاث نباتات هي الافضل لمقاومة التلوث وهي: الدراكينا، والكلورفيتوم، والفوتوس. وقد تم اختبار هذه النباتات في ظروف تلويثية مماثلة تقريباً لظروفنا الموجودة في منازلنا، وقد ثبت ان هذه النباتات تعمل مثل المصفاة التي تنقي الهواء من تلف المواد الضارة. ويعود السر في قدرة هذه النباتات على مقاومة التلوث الى آلية التعرق في هذه النباتات، وتطلق هذه النباتات نقاطاً رقيقة تلتقط حبيبات التلوث، وتخفف من الغبار المعلق بنسبة تصل الى 20% وهذا يعني انها تخفف كثافة ما يؤدي الى الحساسية وتقلل من الميكروبات والبكتيريا بنسبة تصل الى حوالي 60% منها في غرفة داخل المنزل. ومن هذه النباتات الجيدة نبات (الصبار) الذي يخفف من الكهرباء الساكنة، وهي تعني الحالة الفيزيائية التي تشد حبيبات الغبار الى مكان ما.
ويستطيع الصبار ان يخفف من الموجات الإلكترومغناطيسية الضارة التي تأتي من شاشات الكمبيوتر او التلفزيون بشكل جيد، كما انه يزيد نسبة الرطوبة ما بين 5% إلى 10% مما يعطي حالة من الراحة والاسترخاء للانسان. وتذكر دراسة نرويجية اجريت داخل المكاتب بأن وضع حوالي 12نبتة مختلفة قد خفف نسبة الحساسية بحوالي 40% ونسبة جفاف العيون والاغشية المخاطية في الجسم بحوالي 23% ونسبة الصداع وآلام الرأس عند الموظفين بنسبة 20%. إن النباتات صديق جيد ضد الحساسية وضيق التنفس، وهي مفيدة جداً لازالة التلوث سواء داخل المنزل او خارجه كما انها حليف قوي لرفع الروح المعنوية وتحسين المزاج. ويبدو ان اطباء الجسم والنفس سوف يشجعون مرضاهم على العناية بالنباتات من اجل تقليل نسبة التلوث في البيئة وتحسين الصحة العامة للانسان.
رياض معزوزي /المجلة العلمية اهرام http://ahramag.com