كتب رياض معزوزي/الجزائر
في ظل انعدام سياسة مراقباتية صارمة ،واهتمام الشركات الأجنبية بادخال ملايير الدولارات على حساب البيئة في الجزائر ينادي خبراء وناشطون في جمعيات مهتمة بالشؤون البيئية من أجل دق ناقوس الخطر وتحرك الدولة من اجل توقيف الانتهاكات الصارخة التي باتت تهدد صحراء الجزائر بعد أن تحولت بها تحوّلت بها المناطق القريبة من حقول استغلال النفط، إلى ما يشبه مستنقعات نفطية تسببت فيها الشركات البترولية الأجنبية التي تستغل حقول النفط في الجنوب، والتي ترفض اعتماد الميزانيات اللازمة من أجل الحفاظ على سلامة البيئة والمحيط،وتعمد الأخيرة إلى استخراج المحروقات وتكريرها ورمي النفايات والبقايا في الصحراء وبالقرب من التجمعات السكانية، في خرق صارخ للمعايير والمقاييس الدّولية المعمول بها في المجال، وتغادر الشّركات حقول النفط المستغلة، تاركة وراءها آلاف البقع السوداء.وأشار ناشطون ومختصون في البيئة، إلى أنّ الوضع أصبح لا يحتمل في الجنوب بالقرب من التّجمعات السّكانية في حاسي مسعود وبالقرب من قواعد الحياة والمصافي، حيث انتشرت آلاف البقع النفطية السوداء التي أصبحت تشكل تهديدا كبيرا للبيئة والمحيط، وحتّى الثروة المائية الموجودة تحت الأرض في الصّحراء باتت مهددة بسبب لا مبالاة شركات النفط، وهي الثروة التي تعول عليها الدولة لتنمية المناطق الجنوبية.
الغريب في الأمر، حسب المعطيات المتوفرة لدينا ، أنّه بالرغم من القوانين والتشريعات الموجودة في هذا المجال، وكذا دفاتر الشروط التي يلزم بها المتعاملون الوطنيون والأجانب، قبل استغلال الآبار النفطية والتي تولي اهتماما كبيرا للحفاظ على البيئة وسلامة المحيط، إلا أنّ الشركات الأجنبية ومنها الأمريكية والإيطالية والفرنسية وحتى الوطنية، لا تعمل وفق المقاييس العالمية ولا يحدث ذلك إلاّ في الجزائر فقط، حيث أنّ ذات الشركات تلتزم بشروط النظافة والأمن في مشاريعها في دول الخليج أو الدّول الأوروبية أو أمريكا.في هذا الشأن، ذكر المختصون أن كل الشركات العاملة في مجال استخراج النفط بالجنوب والبالغ عددها حوالي 80 شركة وطنية وأجنبية، تتوفر على أقسام ومصالح مختصة في النظافة والأمن البيئي، غير أنّ الأخيرة لا تقوم بأي نشاط بالرغم من وجود الإمكانات البشرية الراغبة في إظهار ما لديها من إمكانات، والسبب حسب مراجعنا هو غياب ميزانيات خاصّة لمشاريع النظافة والأمن البيئي نظرا للتكلفة الكبيرة، حيث ترفض أغلب الشركات صرف تلك المبالغ المالية الكبيرة، مستغلة غياب الرقابة والتفتيش. وتفضل الشركات الأجنبية والوطنية المتسببة في انتشار آلاف البقع النفطية في الجنوب، دفع إتاوة ورسوم تقدر بـ3 من المائة سنويا، وهو مبلغ رمزي لا يتجاوز 100 ألف دينار، على أن تخصص الملايين من الدينار لبرامج النظافة والأمن البيئي، ما دام أنّ المصالح المحلية التابعة للبيئة وتهيئة الإقليم وكذا الطاقة والمناجم، لا تعمل عملها الرقابي والتفتيشي، لإلزام الشركات بالقوانين. ومن جهة أخرى؛ وبالرغم من وجود طرق عمل عصرية تتبعها كل الشركات العالمية الناشطة في مجال النفط واستخراج المحروقات، والتي تمكن من تفادي رمي النفايات النفطية بشكل كبير، حيث يتم استرجاع ما نسبته 62 من المائة منها، إلاّ أنّ الشركات الناشطة في الجزائر لا تولي أي اهتمام للأمر، ولا تسترجع سوى 8 من المائة من البقايا والنفايات التي أصبحت بقعها السوداء الصورة المميزة للصحراء الجزائرية.
وتشير معطيات ميدانية وصور في صحراء مدينة حاسي مسعود بولاية ورڤلة، أنّ خطرا بيئيا يتربص بالمنطقة الصحراوية، جراء البقع النفطية المترتبة عن الآبار القديمة التي استنفذتها الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط، حيث تتواجد بعاصمة النفط أكثر من 50 شركة من مختلف الجنسيات تستثمر في الملايير دون مراعاة القواعد البيئية عند مغادرتها موقع النشاط. وإذا كان ملف شركة باكتال الأمريكية قد تم إحالته على العدالة بعد التحقيقات التي أجرتها مصالح الجمارك إثر اكتشافها لتخزين وتجميع نفايات مشعة تحت الأرض، في قاعدة الحياة التي كانت تستغلها الشركة قبل انقضاء مدة نشاطها، فإن العديد من الشركات الأخرى غادرت دون أن تلتفت خلفها، لما تركت من كوارث تهدد الزرع والبشر في المنطقة الصحراوية بشكل عام وبمحيط مدينة النفط بشكل خاص.وقد أثارت مشكلة ظهور واكتشاف عدد من الأمراض الجلدية والتنفسية بولاية ورڤلة في المناطق السكانية القريبة نوعا ما من الآبار النفطية، خاصة القديمة منها حالة من الهلع والخوف لدى هؤلاء السكان، من أن تكون التسربات والبقع النفطية، هي المسببة لهذه الأمراض، وما تشكّله من خطر بيئي، خاصة بعدما تعدتها هذه الأخيرة لتتسبب في هلاك العديد من المزروعات والماشية، وباتت تهدد حياة الإنسان ككل. نشير فقط بان ولاية ورڤلة تشتهر بعاصمة الذهب الأسود، لاحتوائها على منطقة حاسي مسعود النفطية القلب النابض للإقتصاد الوطني ككل، من خلال توفرها على المئات من آبار النفط وتركيز الشركات مهام التنقيب والبحث عن البترول ومشتقاته، سواء كانت هذه الشركات وطنية أو أجنبية، بما فيها متعددة الجنسيات، والملايير الطائلة التي تجنيها هذه الشركات بالعملة الصعبة في عاصمة الذهب الأسود، بدون مراعاة أدنى شروط لحمايته بصحة السكان والمواطنين، خاصة الذين يقطنون تجمعات سكانية ليست ببعيدة عن حقول النفط وأماكن التّنقيب، أين اشتكى العديد منهم من ظهور بعض الأمراض الجلدية وكذا التنفسية بسبب استنشاقهم الغازات الملوثة المنبعثة من أفران هذه الشركات، وطالبوا بضرورة تدخل الجهات للنظر في مسببات هذه الأمراض إن كانت بالفعل التسربات والبقع النفطية في الأرض التي تسربت ووصلت إلى هذه التجمعات السكانية، أو أنها مجرد أمراض عادية قد تصيب أي كان، سواء كان بالقرب من الآبار النفطية أو بعيدا عنها.
رياض معزوزي/أخرام/الجزائر