تحقيق ـ حسام هجرس- نهال فضلى
تلاحق مصر الزمن، لحفظ حقوقها التاريخية في مياه النيل، عقب التهديدات الأخيرة، مما يسمى دول المنبع، وحاولتها تجاوز الاتفاقيات الدولية السابقة، والتي أرجع البعض ذلك إلى تدهور سياسة مصر الخارجية، وفقدان جزء كبير من عمقها الإفريقي.
هذه الاتفاقيات تراها مصر ملزمة بموجب قاعدة الوراثة ولا يمكن إلغاءها او تعديلها إلا بالإتفاق بين الدول الموقعة عليها، ولكن بعض دول المنبع ترى بطلان هذه الإتفاقيات الموروثة من عهد الاستعمار، وترى أنها لا تتماشى مع حقوقها ولا مع ضرورات التنمية فيها.
وفي محاولة لتحري الوضع كان هذا التحقيق.
استعادة الدور المصري
في البداية، قال السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن سبب توقيع ما يسمى بالاتفاقية الإطارية، يعود أساساً إلى تراجع الدور المصرى في أفريقيا وثقل مصر الذى أنحسر ليس فقط في أفريقيا ولكن على المستوى الدولى وهذا كان له تأثير كبير فالدول الأفريقية التى كانت تنظر إلى مصر على أنها دولة محورية ولها ثقلها في أفريقيا والشرق الأوسط انه هذا الدور أنحسر تماما وأصبح ليس لها تأثير وجعل الدول الإفريقية تخطو مثل هذه الخطوات .
وعن الدور الإسرائيلي، قال أبو الخير، إن إسرائيل لها يد في تشجيع الدول الإفريقية على مثل هذه الخطوات، فهى تنفذ مشروعات في مياه النيل لدى الدول الإفريقية، وتتطلب من تلك الدول طلبات من شانها ان تضر مصر، وأى خطوة من مصر تكون متأخرة ولكن علينا ان نتفاوض تفاوض مباشر مع هذه الدول لمحاولة التوصل إلى حلول وسط.
وأشار إلا انه لا يمكن اللجوء إلى الحل العسكرى، وهو حل غير مفيد لانه سوف يؤدى إلى مضاعفات اسوأ مما نحن عليه، ويجب علينا التفاوض لتعديل تلك الإتفاقيات لمراعاة حقوق دول المصب، و عمل إتفاقية إطارية جماعية.
وحول إستعادة دور مصر، قال أحمد أنه يجب على مصر أن يكون لها دور إيجابى عن طريق قيادة مصرية وطنية تحظى بإحترام الجميع ويكون لها دور فعال تلعبه على الساحة وانه لا سبيل لنا ان نتحدث مع هذه الدول فسوف ينفذوا المخطط ، فيجب التحدث معهم من باب أحترام قانون البعض، وأن المستقبل بيد الله، ولا يعلم أحد المصير في حالة تعقد الوضع.
إهمال مؤسف
ومن جانبه قال د. محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية إعلام ،إنه علينا أن نعترف أن ملف العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، تم إهماله عبر السنوات الماضية، وخصوصاً عقب محاولة إغتيال الرئيس المخلوع في أديس أبابا، ومنذ ذلك التاريخ والرئيس لم يحضر أى من مؤتمرات القمة الأفريقية، وفى الوقت نفسه أصبحت وزارة الخارجية المصرية شديدة التراجع وشديدة الكسل فيما يتعلق بالتعامل مع هذا الملف، تزامن ذلك مع هذا وجود نشاط إسرائيلى مكثف على مستويات عدة في منطقة حوض النيل من خلال دعم مشروعات إستثمارية ومن خلال توفير قدرة إسرائيلية تكنولوجية ساعدت هذه الدول على إستثمار جزء من فاقد مياه النيل والنشاط الكبير للآلة الدعائية الإسرائيلية، في الحديث عن ان إسرائيل هى الدولة الأساسية التى يمكن ان تقوم بتقديم دعم لدول أفريقيا المختلفة في ظل حالة تراجع كم الحضور المصرى داخل هذه الدول والذى شهد صعوداً ملحوظاً في فترة الستينيات وبدأت مصر تتخلى عن عمقها الإفريقى، وبالتالى فضعف اسلوب تعامل مصر مع هذا الملف يكشف عن ضعف السياسة الخارجية المصرية في عصر الرئيس حسنى مبارك.
وأضاف أن مصر فوجئت بأن عدداً من دول الحوض توقع ما يسمى بإتفاقية الإطار الخاص بتوزيع مياه النيل وبدأت هذه الدول المختلفة تتحدث ان مصر تنال نصيباً كبير من مياه النيل يصل إلى 55.5 مليار متر مكعب سنويا وذلك طبقا لأتفاقية قديمة أثناء أحتلال إنجلترا لمصر ولدول حوض النيل.
الأداء الإعلامي جزء من السياسة الخارجية
وعن الإداء الإعلامي أشار د/ محمود خليل ان الإداء الإعلامي فيما يتعلق بالقضايا الخارجية، جزء يرتبط بأداء السياسة الخارجية، فلا يمكن الفصل بين أداء وزارة الإعلام ووزارة الداخلية، وبين أجهزة الإعلام ووزارة الخارجية، حيث أن إهمال وزارة الخارجية، تبعه إهمال الخطاب الإعلامي الموجهة لأفريقيا، و كان لدينا الكثير من الإذاعات الموجهة لأفريقيا هذه الإذاعات خدمتها بدات تضعف بمجرد ضعف السياسية الخارجية والاداء المتعلق لها إذاء دول حوض النيل.
وفى ذات السياق أشار د/خليل ان مكاتب الإعلام المصرى التابعة لهيئة الإستعلامات أيضا كان من المتصور أن تقوم دور بالتوازى مع الآلة الدبلوماسية، ولكنها لم تقم بدور نظراً لضعف السياسية الخارجية المصرية، نحن لدينا الكثير من الأدوات الإعلامية التى بحاجة إلى تفعيل، ويجب إعادة الحياة إليها ببث خطاب إعلامى ناجح وقادر على إقناع صانع القرار الإفريقى وقادر على إقناع المواطن الإفريقى داخل حوض النيل بأهمية الدور المصرى، الإعلام وحده لا كفى فمن الممكن على سبيل المثال من الممكن عمل قناة تليفزيونية مصرية موجهة لإفريقيا، ونستطيع تفعيل خدمة الإذاعات الموجهة وتفعيل المكاتب التابعة للهيئة العامة للإستعلامات،نسهم في دعم التجربة الإعلامية الإفريقية من خلال إستقدام الإعلامين في دول حوض النيل إلى مصر وإعلاء مهارتهم واكسابهم خبرات، وشرح الدور المصرى على المستوى الإفريقى لهم.
وعن فعالية الإعلام كوسيلة للمساعدة في حل الأزمة الراهنة قال د/خليل انه يجب أن توجد حقائق على الأرض، مثل وجود نشاط سياسى فعلى على الأرض، مثل فتح منح للطلبة الإفريقين،تقديم دعم للدول التى بحاجة إلى دعم، نوفر لهم التكنولوجيا، لا بد أن ندخل في سباق مع إسرائيل، لأن قضية الأمن المائى جزأ من ملف الأمن القومى لمصر، فالإعلام لكى يقوم بدور حقيقى في لخدمة مصر في تلك القضية لا بد من وجود دور فعال للسياسية الخارجية على الأرض كى يسوق لها الإعلام،فنحن لدينا مصالح في أفريقيا ولا بد من إحداث من تعاون بين مؤسساتنا المختلفة مع المؤسسات الأفريقية ، ونساعد في تمويل صحف، نحن نملك الادوات ولكن تلك الادوات غير مستخدمة، ولا بد أن يكون للازهر أيضا دور، حيث أن يوجد مسلمون في تلك الدول، لماذا لا ننشأ قنوات، مثل ما تفعل إيران في إنشاء قنوات موجهة للعرب
وعن دور الإذاعات الموجهة قال د.خليل يجب ان تقوى إرسالها و تدرس المشاهد الإفريقى وتفضيلاته وأنماط استماعه ومحاولة جذبه، ولا بد أن تستند إلى قواعد مهنية إحترافية ولكن للأسف الشديد الإذاعات الموجهة إلى أفريقيا داخل مبنى ما سبيرو تعتبر منفى للصحفيين المغضوب عليهم، لأنهم لا يهتموا بالملف!!
وعن مستقبل القضية قال د/خليل انا لا أتمنى إطلاقا تعقد الوضع اكثر مما تعقد، وأتمنى ان تتوجه الآلة الدبلوماسية الخارجية والإعلامية بكل ثقلها إلى أفريقيا وان تحاول حل هذه المشكلة، لانها مشكلة خطيرة جداً تحتاج إلى التكاتف لحلها قبل تعقدها خاصة بعد وجود دعوات داخل حوض النيل بيبع المياه لمصر مقابل ثمن متفق عليه، إنطلاقا من قناعة المسئولين دخل دول الحوض النيل بان المياه مورد شانه شان البترول فما المانع من أن تدفع مصر الثمن.
نحو تعاون مصري أفريقي
ومن جانبه أشار .د عدلى رضا، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إلى أنه من واجب مصر احتضان دول حوض النيل بما يساعدها على عدم تعدي الحصة المخصصة لمصر منذ هذه الإتفاقية التي وقعت بحيث لا يتم إنقاص جزء ولو بسيط من حصة مصر، يمكنه أن يسبب الضرر لها في زراعتها وفي علاقتها مع هذه الدول.
عن حل الأزمة قال د.عدلى انه لابد السياسة الخارجية المصرية تعتني بدول حوض النيل، وليست العملية إقامة مباريات لكرة القدم فقط وهذا لا يكفي، حيث أن دورة حوض النيل لكرة القدم جزءاً كبيراً من العلاقات الطيبة بين مصر ودول حوض النيل، وعلى وزير الخارجية الجديد تنشيط ودعم وبناء جسور للعلاقات الطيبة والتعاون مع هذه الدول، ولا مانع أن يكون لمصر بعض المشروعات المشتركة في ظل قيام بعض المستثمرين الأغنياء في المجتمع المصري ببعض المشروعات في هذه الدول كي يشعروا أن مصر موجودة معهم، والتي من بينها الأنشطة السياسية والإقتصادية والتعليمية، من خلال القيام بإنشاء فروع للجامعات المصرية داخل هذه البلاد للتعاون مع الدول وأيضا القيام بالتعاون والتبادل المشترك بين البلاد من خلال تصدير واستيراد السلع لتنمية العلاقات الإقتصادية المشتركة حتى تشعر دول النيل بالإهتمام المشترك بينهم.
وعى إعلامى
وعن أهمية الوعي الإعلامي، يتفق د.عدلى مع ما طرحه الدكتور محمود خليل، وأنه لابد أن يكون لدينا وعي وتوجيه إعلامي لهذه الدول من خلال إنشاء قنوات فضائية موجهة لدول حوض النيل، تتكلم عن التعاون والتاريخ والعلاقات المشتركة بين مصر وهذه الدول، وهي أفضل من إستخدام الإذاعات الموجهة وأكثر فعالية، حيث أن الإذاعات الموجهة ليس لها تأثير قوي الآن في ظل عصر تكنولوجيا المعلومات كما كان في الماضي، ويمكن إستخدامها كعنصر مساند بجانب القنوات الفضائية، ولخلق تأثير قوي وفعّال من جانب جميع دول حوض النيل، لابد القيام بتقسيم القنوات الفضائية إلى عدة لغات مختلفة نظراً لوجود لغات متعددة لتلك الدول.
التمرد الأفريقى
ومن جانبه قال محمد بسيوني، سفير مصر الأسبق في إسرائيل، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى السابق، عما يمكن تسميته التمرد الأفريقي على مصر، مشيراً إلى عدم صحة ذلك، خاصة في وجود سياسة المصالح، وأضاف أنه ليست لكل الدول الأفريقية مشاكل مع مصر، المشكلة فقط في توزيع حصص المياه في الدول الخاصة بمنابع النيل، ونسبة المياه المخصصة لمصر بالنسبة للإتفاقيات الموجودة هي 55.5 مليار متر مكعب من المياه وهي حصة ليست كافية على الإطلاق، ولكن المشكلة الآن ليست في توزيع حصص المياه بينما المشكلة في زيادة حصص المياه غيرالمخصصة.
كما توجد كميات كبيرة من مياه الأمطار التي تصب في منابع النيل لا يتم الإستفاد بها، فلابد أن مصر تفكر في إنشاء مشروعات تقوم بتزويد كمية المياه التي تصب في المنابع لتزيد من كمية المياه المخصصة لكل دولة من دول حوض النيل.
أما إسرائيل، فلا شك انها تحاول ان تستخدم هذه الورقة للضغط على مصر بالذات، وأن عينها على جزء من مياه النيل، وبالطبع لن نوافق على ذلك لأن إسرائيل ليست من دول حوض النيل، وطبقاً للقوانين الدولية أن لا يجوز لإسرائيل أن تحصل على أي كمية مياه، لذلك اننا نعتبر أم هذا الموضوع خط أحمر لايجوز الإقتراب منه وأبلغنا إسرائيل بذلك، وعلينا أن لا ننسى الجولة التي قام بها وزير خارجية إسرائيل افيغدور ليبرمان في المنطقة الأفريقية خاصة منطقة حوض النيل وأننا لن نغفل أبداً عن هذا الموضوع، ولانستطيع القول بأنه تمرد من أفريقيا بالكامل على مصر لأن يوجد حجم من العلاقات لا بأس به مع الدول الأفريقية.
وأكد سفير مصر الأسبق لدى إسرائيل انه لا بديل سوى الحوار، حيث ان عن طريق الحوار سوف لن نتوصل لتعقد الوضع، فإستخدام القوة ليس حلاً على الإطلاق، وعن طريق الحوار سوف يتم التوصل لإتفاق مع هذه الدول، والإتفاق يكون في إطار التعاون المشترك وليس عن طريق المواجهة لأننا نسعى لزيادة حصص المياه وإقامة مشروعات يستفيد منها الجميع.
نحو إدارة المياه
ومن ناحية أخرى قال د.أحمد فوزي دياب، كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة، وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء، وخبير إستراتيجيات المياه، انه على حسب المقاييس العالمية المصاحبة لموارد المياه، حيث أننا وصلنا حوالي إلى 650 متر مكعب للفرد في السنة وهذا جعل مصر من الدول الفقيرة مائياً، وأنخفض نصيب الفرد من ألف متر إلى 650 متر مكعب نتيجة نتيجة كميات المياه الواردة إلى مصر و زيادة معدلات السكان وعدم ترشيد المياه والبطء في البحث عن محدودية المياه.
وعن المقترحات والحلول اللازمة لحل أزمة المياه في ظل حكومة جديدة يرأسها الدكتور عصام شرف قال د.أحمد فوزى أنه هناك شقين، الشق الاول منه هو: “الشق العادي” ويتمثل في معرفة المشكلة التي تمر بها مصر، والمشكلة في الأساس هي مشكلة مياه حوض النيل ثم تطورت إلى مشكلة إقتصادية ثم تطورت إلى مشكلة سياسية
فالحل هو لابد أن يبدأ حل سياسي ثم بعد ذلك حل فني ثم بعد ذلك حل ذاتي ثم بعد ذلك ثقافي، بمعنى ان لابد أن وزارة الخارجية تقوم بعمل قوي لتحسين العلاقات السياسية بين مصر ودول حوض النيل، ثم يتبعه نشاط الأمن القومي على مستوى دول حوض النيل، ثم يتبعه نشاطات خاصة بوزارة الزراعة ووزارة الري، ثم يلي ذلك وزارة التجارة والصناعة ثم وزارة الثقافة ووزارة الكهرباء ووزارة التعليم، لابد أن كل هذه الأمور تندرج تحت منظومة تأمين مصادر المياه في مصر.
أما الشق الثاني هو: ” شق ملف المياه في مصر” حيث انه يوجد العديد من الجهات المسيطرة على ملف المياه في مصر، وهذا يتطلب وجود حل سريع وجازم وهو توحيد كل الجهات المسيطرة على المياه في مصر إلى جهة واحدة، ثم تحوليها إلى إنشاء، ثم إدارة الأزمات، وإدارة البحوث والعمليات، ثم إدارة العلاقات الخارجية، وتوفير وتحويل كل الجهات إلى مجموعة من المرافق للإستخدام، بمعنى إنشاء مرفق للشرب، ومرفق لمياه الصرف الصحي، ومرفق للمياه الجوفية، حيث ان تحويل الجهات إلى مرافق سيقوم بحل المشاكل الإدارية ومشاكل تضارب المصانع وتضارب الإقتصاد.
ولابد من تغيير مفهوم إدارة المياه في مصر، بمعنى تغيير سياساتنا بإعادة التوزيع من خلال الإعتماد على مياه نهر النيل وفرعيه سواء للمناطق البعيدة أو القريبة, وأيضا تحويل بعض المناطق التي تروى بالغمر إلى مناطق تروى بزراعة الري المتطور بالمرحلة الأولى، ثم تتحول إلى مرحلة التنقيط، ثم إلى الرش بعد ذلك لتقليل إهدار المياه وهذا يحتاج إلى حزم من السياسات، إضافة إلى تنمية ودراسة المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر، وإعادة إستخدام المياه العادمة.
التقنية الحديثة
وعن استخدام التقنية الحديثة في الري للحد من إهدار المياه قال د.أحمد ان الطاقة النووية يمكن أن نستخدمها في المستقبل لتحلية مياه البحر، أو معالجة المياه العادمة والإستفادة منها في الأغراض الأخرى، وكانت مصر تضع حظراً على استخدام الطاقة النووية، أما الطاقة الشمسية فهو إسلوب متطور والعالم بدأ إستخدامه منذ فترة،وهناك مقترحات كثيرة جدا مثل مشروع إعادة توزيع السكان الجغرافي في مصر.
وتطرق د.أحمد فوزى إلى الذين يعملون في مجالات إدارات المياه على مستوى العالم او على مستوى مصر، أنهم يتعاملوا مع كل السيناريوهات ومنها الأسوأ التي منها عدم وصول نقطة المياه إلى مصر، لذلك لابد أن نتطرق لعدة حلول كما ذكرناها من قبل وهي القيام بإعادة إستخدام المياه أكثر من مرة، وتحلية مياه البحر.
أخطأنا في حق أفريقيا
وأشار د.سعيد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام انه لا يعتقد أن دول حوض النيل أخطأت في حق مصر، والذي أخطأ في حق الأفارقة هي مصر، ولابد أن نسمي الأشياء بمسمياتها، فالدبلوماسيين عندما كنت أعمل أستاذاً في المعهد الدبلوماسي كانوا يلوموننا بأن الصحف المصرية تتبع أفريقيا وأوروبا وأمريكا أكثر ماتتبع أفريقيا بالفعل، مع أن أوروبا لم يأتي منها سوى الغزو والإحتلال والإستعمار والحملات الصليبية، أما الجنوب التي يقصد منها أفريقيا فهي لا يأتي منها سوى شريان الحياه النيل، وبذلك أخطأت مصر كثيراً، فعندما نتكلم عن مصر نقول انهم أعدوا الصندوق المصري للتنمية الأفريقية هذا لا يكفي في الواقع وليس (مقصود) إطلاقاً ان نتحدث مع أفريقيا سوى في الفترة الناصرية عندما كان عبدالناصر يعطي أولوية كبرى للدول العربية والإسلامية ومصر ثم الدول الأفريقية، فمصر مثلا لم تحتفل بعبد الناصر بينما جنوب أفريقيا تحتفل به ويعتبرون مصر أمهم جميعا وليس أم الحضارات فقط وأم الأفارقة.
وفى ذات السياق أكد د.سعيد أن الأفارقة يقولون أن أكثر الدول إهتماماً بالنيل هي دول المنبع وليس دول المصب، ولكن المعروف أن مصر من دول المصب مع السودان، وعلاقتنا مع السودان وقت النظام البائد كانت جيدة، ولكن أعتقد أن هناك خلاف بين مصر والسودان بإعتبارنا دولتا المصب، وأعتقد ان رواندي والاتفاقية التي تم توقيعها في عنتيبي الكل من دول المنبع يساند بوروندي، وأعتقد ان ليس بإمكاننا أن نفعل شئ سوى أن نبعث مبعوثاً مصرياً يقوم بالتوقيع وإعادة الجدولة.
وعن معالجة الأزمة قال د.سعيد انه ليس على الصعيد الدولي، لكن هم يطلبون من مصر أن تحضر وتوقع وتعيد ماتم التعارف عليه فيما يتعلق بمياه النيل، وعلى مصر أن تقوم بإعادة النظر والتوقيع فيما يتعلق بمياه النيل وألا تخاف من ذلك، لأن المياه التي تأتي من الجنوب لايتم إستخدام سوى 30% بينما يذهب الباقي إلى البحر.
التفاوض أولاً
ومن جانبه أشار خبير عسكرى أن التفاوض فى حد ذاته حل ثمين للقضية، ولكن الإعاقة السلبية تأتي من إسرائيل، فهى تحارب ولكن بتكنيك آخر غير الحرب الفعلية، فهى تعرف ان تلك الدول فقيرة ويمكن مساعدتها وعمل مشروعات تنموية بها، لذلك فلا بد من منافسة إسرائيل، والخيار العسكرى هو مرحلة متقدمة بعد التفاوض.