نجوم الثريا

الثريا
Pleiades
د محمد زكريا توفيق

الثريا ليست برجا. إنما هي عبارة عن 7 نجوم لامعة في شكل مغرفة، تتجمع في بقعة صغيرة من برج الثور. جاءت في شعر ابن أبي ربيعة:
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استهلت وسهيل إذا استهل يماني

سهيل (Canopus)، هو ثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعرى اليمانية (Sirius). يقع سهيل في الجنوب بالنسبة للجزيرة العربية، ويقع في برج قاعدة السفينة (Carina). اليمانية هنا بمعنا الجنوبية.

سهيل يسمى أحيانا سهيل اليمانية، للتفرقة بينه وبين بعض النجوم التي تسمى سهيل أيضا. مثل سهيل المحلف وسهيل الوازن وسهيل الفرد وغيرهم. معنى شعر ابن أبي ربيعة، هو أن مجموعة الثريا تقع في شمال السماء، ونجم سهيل في الجنوب، فكيف تجمعهما سويا. وهي كناية عن طلب المستحيل.

في الأساطير اليونانية القديمة، الثريا هن بنات الإله أطلس (Atlas) السبعة، من زوجته بلييوني (Pleione). أطلس هو العملاق الذي يحمل الأرض على كتفيه.

خاف أطلس على بناته وزوجته من الجبار أريون (Orion)، الذي كان يطاردهن لمدة 7 سنوات. فشكى أطلس لكبير الآلهة زيوس سلوك الجبار أريون. فقام زيوس بتغيير صور الثريا وأمهم إلى صور حمائم في أول الأمر، ثم نجوم بعد ذلك.

هي: ألسيون (Alcyone)، ويمثلها نجم الوسط نير الثريا، ميروبي (Merope)، سيلاينو (Celaeno)، تايجيتا (Taygeta)، مايا (Maia)، إلكترا (Electra)، أستيروبي (Asterope). ستة نجوم من الثريا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. النجمة السابعة، ميروبي، تختفي عن الأعين خجلا، لأنها دون أخواتها، تزوجت من إنسان، كما تقول الأسطورة.

المصريون واليونانيون والهنود ذكروا أن عدد نجوم الثريا سبعة، ولم يكن يعرفون التيليسكوب في ذلك الوقت. قيل أن الثريا بنجومها السبعة، تمثل الغرف السبعة بداخل الهرم الأكبر.

الهنود الحمر في شمال أمريكا، يذكرون القصة التالية:
كان هناك ستة إخوة من عائلة فقيرة جدا، لا تقدر على شراء ملابس جديدة لأطفالها مثل باقي أطفال القبيلة. حزن الأطفال كثيرا وخرجوا إلى إله السماء يشكون حرمانهم. بدلا من أن يعطيهم الإله ملابس جديدة، وضعهم في بقعة من السماء تخليدا لهم.

البولينيزيون كانوا يسمون الثريا ماتا ريكي (Mata riki)، وتعني العيون الصغيرة. وكانوا يعتقدون أنه من قديم الأزل، وقبل أن يخلق الإنسان، هذه العيون الصغيرة كانت نجما واحدا. كان هذا النجم أكثر النجوم لمعانا في السماء كلها. ينافس ضياؤه ضياء ربع القمر.

عندما يرتفع هذا النجم في السماء، يتلألأ ضياؤه على سطح الماء ويملأ نوره الفضاء. لم يكن النجم جميلا فقط، إنما كان مغرورا ودائم التباهي والتفاخر بنوره وحجمه بين باقي النجوم. وكان دائما يقول بكل فخر: أنا أجمل من أي نجم آخر في السماء، وأجمل أيضا من الآلهة.

سمع الإله تين (Tane)، حارس أعمدة السماء الأربعة، قول النجم المغرور، فغضب غضبا شديدا. أراد أن يزيح هذا النجم المتعجرف من مكانه في السماء، وأن يضعه في مكان مظلم لا يشعر به أحد.

لكي يفعل الإله تين ذلك، طلب مساعدة نجمين آخرين، هما الشعرى اليمانية والدبران. الشعرى كان يحتل المرتبة الثانية من حيث اللمعان، ويهمه أن يكون الأول. الدبران كان قريبا من النجم اللامع إلى الدرجة التي تجعل نور الدبران خافتا باستمرار. وافق النجمان على الإشتراك في المؤامرة لإزاحة النجم المغرور ماتا ريكي عن موضعه.

في ليلة من الليالي، تسلل المتآمرون الثلاثة خلف الضحية لدفعه خارج السماء. عندما رآهم ماتا ريكي قادمون إليه بسرعة شديدة، أصيب بالرعب، وفر هاربا واختبأ تحت سطح مياة نهر السماء (الطريق اللبني).

أسرع الشعرى إلى منبع النهر، وقام بتحويل المجرى، حتى ينضب النهر ويظهر النجم المختفي. لكن ماتا ريكي أسرع بالجري هربا عبر السماء من مطارديه، وكان أسرع منهم. ابتعد عنهم مسافة كافية وكاد يفلت منهم.

ماذا يفعل الإله تين، والآلهة لا تهزم في معارك مثل هذه؟ أمسك الإله تين بالنجم الدبران في يده، مثلما يمسك الطفل بحجر، وكان يجري بجواره. ثم قذفه بكل قوته ليصيب النجم الشارد ماتا ريكي. كانت القذيفة شديدة ومفاجئة، إلى درجة أنها فتتت النجم اللامع إلى سبعة نجوم أو عيون صغيرة.

لم يعد النجم المتعجرف نجما واحدا لامعا كما كان. منذ ذلك الحين، أصبح النجم الشعرى اليمانية هو أسطع نجم في السماء. ورجع إلى نجم الدبران بريقه الذي يستحقه. بينما تجمعت النجوم أو العيون السبعة مع بعضها في مكان الثريا، وهي تهمس فيما بينها بصوت خافت، بأنها الآن أجمل من ذي قبل. في الليالي التي يغيب فيها القمر، ترى بريقها فوق سطح الماء، بريقا ليس له مثيل.

قصة أخرى من قصص الهنود الحمر بأمريكا الشمالية تقول:
رحلت قبيلة أونونداجا (Onondaga) طلبا للصيد. أرست رحالها بالقرب من بحيرة، ثم أخذت تبني أكواخا لتخزن فيها ما تصطاده من الأسماك والحيوانات، لسد حاجتها من الغذاء عندما يحل فصل الشتاء. عندما انتهى موسم الصيد في الخريف، جاءت ثمانية أطفال للاحتفال بهذه المناسبة بالرقص على شاطئ البحيرة كل يوم.

في أحد الأيام، جاءهم رجل عجوز ذو لحية بيضاء، وطلب منهم التوقف عن الرقص. لكن الأطفال شعرت أن رقصها لا يضر أحدا، لذلك لم تستجب لتحذيرات الشيخ، واستمرت في الرقص.

في اليوم التالي، رأت الأطفال أن تحتفل بانتهاء موسم الصيد، بالمشاركة في الطعام على حافة البحيرة. عندما طلبت الأطفال من آبائها بعض الطعام للمشاركة في هذه المناسبة، رفضت الآباء اعطاء الطعام للأطفال.

لم ترغب الأطفال في الكف عن اللعب، فعادت إلى شاطئ البحيرة لمواصلة الرقص كما تفعل كل ليلة. استمرت في الرقص ، بينما بطونها كانت خاوية. لكنها وجدت أن أجسامها خفيفة وأرجلها تترك الأرض، ووجدت نفسها تطير في الهواء. تنبه أحد الأطفال إلى أن شيئا خطيرا يحدث لهم، وطلب منهم ألا ينظروا إلى أسفل من تحت أقدامهم حتى لا يسقطوا فجأة.

رأت امرأة الأطفال وهي تصعد إلى أعلى، فنادتهم لكي يعودوا، لكن دون فائدة. أسرعت المرأة وأخبرت ذويهم بما حدث لهم. تدفق الآباء والأمهات يحملن الطعام وذهبوا إلى الأطفال يرجوهم أن يعودوا ويأخذوا من الطعام ما يريدون. لكن الأطفال استمرت في الصعود إلى أعلى نحو السماء.

أحد الأطفال استجاب لنداء والده ونظر إلى أسفل، لكنه سرعان ما تحول إلى نيزك وسقط محترقا على الأرض. بينما ظلت باقي الأطفال تصعد نحو السماء، إلى أن وصلوا إلى مكان الثريا في السماء.

أثناء صعودهم، كان أحد الأطفال يغني طول الوقت. وكلما غنى، انخفض ضياءه. عندما وصل إلى مكان الثريا، كان قد فقد كل ضياءه وأصبح غير مرئي.

من أساطير المايا، كان إلهي السماء التوأمان هون أبو (Hun apu) وزبالانكو (Xbalanque) يريدون التخلص من المارد الشرير الغبي زيباكنا (Zipacna). قام الإلهان التوأمان بمساعدة عدد من الشبان بحفر حفرة كبيرة عميقة.

عندما جاء المارد الغبي ليستوضح ماذا يفعلون، أخبروه بأنهم يبنون بيتا كبيرا وهذه الحفرة لوضع الأساس. لكنهم يريدون أن يعمقوا الحفرة، وطلبوا مساعدته بالنزول أسفل الحفرة ومواصلة الحفر.

قفز المارد زباكنا أسفل الحفرة وبدأ الحفر، لكن الشبان أسرعوا بإهالة التراب والحجارة على المارد حتى دفنوه حيا. ثم قاموا ببناء المنزل فوق المارد، اعتقادا منهم أن ذلك سوف يخلصهم منه إلى الأبد.

المارد لم يمت من الأتربة والحجارة التي سقطت فوقه، لكنه وقع في غيبوبة. عندما أفاق من غيبوبته، تعجب لوجوده في هذا المكان المظلم، ومن ثقل الأتربة والحجارة التي فوقه. انتفض المارد واقفا فجأة بقوة رهيبة، جعلت الحجارة والأتربة فوقه تتطاير في الهواء، وجعلت المنزل يتفتت ويتطاير هو وكل من شارك في بنائه في الهواء أيضا.

ظل الشبان يصعدون إلى أعلى إلى أن وصلوا إلى السماء. هناك تجمعوا ليكونوا نجوم الثريا. أما المارد وكل المخلوقات التي على شاكلته، فقد تخلصت منهم الأرض منذ زمن بعيد. لكن إلى الآن، لا تزال مجموعة الشبان السبعة تلمع في السماء.

أفضل الأوقات لمشاهدة الثريا، هي من شهر أكتوبر إلى سهر مارس.

عن هاني سلام

شاهد أيضاً

صور تربوية من نصر أكتوبر تلهم الأجيال

د.محمد الجوهري يكتب: “صور تربوية من نصر أكتوبر تلهم الأجيال” تظل حرب أكتوبر وذكرى العبور …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.