ونحن نفتح بوابة كتاب عام جديد عام 2011، نتفاءل جميعا بالمستقبل وندعو بالنجاح والفلاح، غير أن نظرة تأملية بسيطة للواقع اليوم توحي بسوداوية القادم من الأيام إن ظل الحال كما هو عليه، مستقبل من الأوبئة والكوارث الطبيعية والأزمات المناخية ويقال أن القادم أعظم، حقيقة هي عبارة تؤكد عمق مسار تتخذه الإنسانية منذ مدة في استمرارية لنهج النجاح أو الفشل، ومسلسل البناء أو الهدم، النقطة الفاصلة هنا أن عام 2010 لم يحد عن سابقه ولم يأتي بالجديد ولا حتى بحلول لمشكلات مازالت عالقة وعويصة، في وقت لا زالت فيه أنظار العالم غارقة بسراب التكنولوجيا والعالم الجديد، ومحجوبة عن واقع مزري وينحدر بسرعة نحو الهاوية، واقع هو السيناريو الأسوأ الذي يشهده العالم أجمع و بالتأكيد فالأمر لا يتعلق بقضايا اقتصادية أو مأزق سياسية، كتلك التي تشهده محافظة سيدي بوزيد بتونس، ولا الجارتين الكورية، ولا حتى أزمة كرسي الرئاسة بساحل العاج، فهي وإن كانت تعبر عن وضع كارثي إلا أنها تعد صناعة بشرية خالصة بنتائج وحلول بشرية، لكن الأمر مرتبط أساسا بفصول عام 2010، على مستوى بيئي، فقد تم تصنيف 2010 على أنه العام الأكثر حرارة لدرجات غير مسبوقة على الإطلاق، في حين أن مستوى الجليد في القطب الشمالي هو في أدنى معدلاته خلال السنوات الأخيرة في الثمانية أشهر الأولي لعام 2010، ووصلت درجات الحرارة لسطح الأرض والبحر إلي مستويات قياسية، وصلت مجتمعة إلي 14.7 درجة مئوية، ما يعني 1.21 درجة مئوية أعلى من المسجل في القرن العشرين، في حين أن درجات الحرارة في شهر يونيو إلي أغسطس في نصف الكرة الشمالية هي الثانية الأكثر سخونة بعد عام 1998، أما متوسط درجات الحرارة تجاوزت في معظم أنحاء العالم بالخصوص في شرق أوروبا وشرق كندا وبعض مناطق شرق آسيا، وفي المقابل شهدت أستراليا وروسيا الوسطى وجنوب أمريكا الجنوبية درجات حرارة أكثر برودة أما بخصوص المملكة المتحدة سجل شهر آب/أغسطس الأكثر برودة منذ عام 1993، في حين وصل مستوى الغطاء الجليدي إلي أدنى مستوياته في شهر أيلول سبتمبر الماضي أي ثالث أدنى مستوى له متجاوزا تحت الحد خمسة ملايين كيلو متر مربع. وذلك حسب تقارير أوردها المركز القومي للبيانات المناخية، حصيلة 2010 لم تخلو من بعض القرارات الفاشلة لبعض المؤتمرات والقمم كما حدث في المكسيك في قمة المناخ بكانكون والتي عجزت عن اتخاذ قرارات حاسمة واكتفي المنظمون والحاضرون بتبادل الاتهامات والشكوك فما من شيء يبتعد عن لعبة السياسة ورجالها واستقر الحال بهم على إنشاء صندوق أخضر لمكافحة التغييرات المناخية، عام 2010 كان عام كارثيا بحق نظرا لارتفاع عدد الكوارث الطبيعية التي لحقت بكوكب الأرض بداية ببركان أيسلندا الذي جعل أوروبا غارقة في دخانه وتسبب بخسائر مادية فادحة فضلا عن توقف الرحلات الجوية من أو إلي القارة العجوز، وكذلك الحال في اندونيسيا التي اهتزت بها الأرض وعلقت هي الأخرى بمخاطر بركان ميرابي، واستفاق سكان جزيرة هايتي على وقع زلزال عنيف خلف مئات الضحايا من قتلى وجرحي ومازالت إلي حد الساعة تعاني مخلفاته من أوبئة وأمراض، أما باكستان فهي لم تستثني من قائمة الدول التي عصفت بها الكوارث ومخلفات التغير المناخي والاحتباس الحراري، فقد شهت فيضانات عارمة غطت ثلثها وكانت الحصيلة هلاك أكثر 150 ألف وتشريد الملايين من سكانها، وإلي الضفة الأخرى من العالم فقد وقع خليج المكسيك في المحظور، فقد عرف تسرب نفطي غطى مساحات واسعة من مياه الخليج كانت وراءه الشركة البريطانية بي بي، كان عام 2010 عام صرخت فيه الأرض على ساكنيها بحثا عمن يستمع إلي ألمها ويدرك معاناتها، غير أنها وجت أناسا غارقين في البحث عن مستقبلهم، لديهم نزاعاتهم واهتماماتهم التي من شأنها أن تولد الانفجار على سطح الأرض وظنوا أن التكنولوجيا ستصبح موطنا لهم يؤويهم كما فعلت الأرض، ولكن لأن الامل حق مشروع فكلنا رجاء أن يكون القادم من الأعوام سنوات خير ورحمة على كوكبنا الأرض.
خاص للمجلة العلمية اهرام
جودى
الجزائر