التكنولوجيا ومستقبل الطاقة

رعاية كريمة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يعقد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في الفترة من (12-13 نوفمبر) 2012 المؤتمر الثامن عشر للطاقة بعنوان: التكنولوجيا ومستقبل الطاقة وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمقر المركز بأبوظبي. وذلك بحضور نخبة من الباحثين والخبراء والمتخصصين في شؤون الطاقة من دولة الإمارات العربية المتحدة ودول عربية وأجنبية.

وفي كلمتة الترحيبية، أكد سعادة الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن انعقاد المؤتمر هذا يأتي انطلاقاً من إيمان المركز برسالته تجاه المجتمع العالمي عامة والخليجي خاصة، واهتمامه المستمر بالمستقبل، وتركيزه على الموضوعات التي تهمّ المسؤولين والخبراء والمهتمين في مختلف مجالات الطاقة، مشيرا إلى أن الحاجة اليوم برزت للتعرف إلى دور التكنولوجيا في صوغ مستقبل منظومة الطاقة بأبعادها المختلفة، وفق موازين العرض والطلب، والوقوف على التحديات والفرص التكنولوجية الجديدة التي تواجه القطاعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، ومحاولة استشراف تطور تكنولوجيات الطاقة وأثرها في الدول المنتجة للنفط في الخليج.

وأوضح السويدي في الكلمة التي أُلقيت نيابة عنه، وسط حشد ضم عدداً من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإعلاميين عرباً وأجانب، أن موضوع مؤتمرنا اليوم، يتضمن شقين هما: التكنولوجيا والطاقة، وكلاهما أصبح يلعب دوراً أساسياً في حياتنا اليومية، كما أن هناك علاقة طردية بين الطاقة والتكنولوجيا، فكلما زادت حاجتنا إلى الطاقة، زادت معها حاجتنا إلى تكنولوجيا تستطيع أن تستخرج هذه الطاقة وتوفر في استخدامها وتحدّ من آثارها السلبية، وعندما ننظر إلى المستقبل بأبعاده القريبة والمتوسطة والبعيدة تزداد حاجتنا إلى الطاقة ومن ثم نسعى لتطوير التكنولوجيا التي تضمن استمرار تدفق هذه الطاقة إلى الأجيال المقبلة. مشيراً إلى أن الاعتبارات الاقتصادية والبيئية والأمنية أسهمت في زيادة الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة، وهو أمر يعتمد في كثير من جوانبه على مدى ما تستطيع أن تحققه التكنولوجيا في مجال الطاقة، وإذا كان العالم سيظل يعتمد على النفط، بوصفه أحد أهم مصادر الطاقة من الناحيتين الاستراتيجية والاقتصادية وهو الأرخص تكلفة، والأكثر رواجاً، والأسهل تداولاً، فإن هناك حاجة إلى توافر تقنية قادرة على مواجهة تأثيراته السلبية في المناخ والأمن البيئي، والحد من استنزاف المخزون الاستراتيجي، والسعي لإيجاد مصادر بديلة له، في ظل تراجع فرص اكتشاف حقول نفط جديدة، والزيادة المستمرة في عدد السكان، والتوسع في المشروعات العمرانية، وارتفاع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقال سعادة السويدي، مدير عام المركز: إن التغيرات في ميزان العرض والطلب العالمي على الطاقة، تؤثر بشكل مباشر في منظومة الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة، وتفرض الدراسةَ والبحثَ عن آفاق جديدة للتطور التكنولوجي والابتكارات التقنية في قطاع الطاقة، فلم يعد لدينا ترف الاستهلاك من دون النظر إلى أهمية الحفاظ على مصادر للطاقة، تضمن لنا توافر متطلبات الاستهلاك، وإذا كانت التكنولوجيا تنسج خيوطها في كل جزء من أجزاء حياتنا، وتتوغل في كل القطاعات الحيوية لتصنع أجيالاً جديدة وتشكل عقولاً مختلفة، فإنه يجب علينا أن نفيد منها لصالح الحفاظ على وجودنا، وما يرسم صورة المستقبل في المدى البعيد، هو ما ستحققه هذه التكنولوجيا في مواجهة القطاعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، والآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الاستفادة من تكنولوجيا الطاقة.

وأضاف السويدي، أنه وعلى الرغم من أن الفترة الماضية قد شهدت توجهاً قوياً نحو التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وبتركيز خاص على إقامة مشروعات توليد الكهرباء بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، في مناطق مختلفة من العالم، فإن حصة هذه القطاعات من إجمالي إمدادات الطاقة في تلك المناطق ما تزال أقل من 2 بالمائة؛ ولذلك، يبدو من غير المرجح أن يؤدي الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة إلى إحداث تراجع كبير في الحصة السوقية للنفط والغاز في مختلف أسواق العالم، وحتى في الأسواق التي تشهد تحولاً كبيراً نحو مصادر الطاقة البديلة، ولكن هذا الأمر لا يقلل من أهمية دور التكنولوجيا في قطاع الطاقة فهي وسيلة وغاية؛ قائلاً: إننا نسعى إلى الاستفادة من التكنولوجيا لإيجاد مصادر بديلة للطاقة أو زيادة الاستفادة من الطاقة المتوافرة حالياً، وهي غاية لأن التطورات التكنولوجية مستمرة، بحيث تصعب ملاحقتها لصالح غدٍ أفضل، وإذا كان للتكنولوجيا سلبيات، فإن مرجع هذا يعتمد على طريقة تسخيرنا لاستخدامها والاستفادة منها.

وبيّن السويدي، أن هذا المؤتمر يأتي ضمن اهتمامنا بمصادر الطاقة، فمنطقة الخليج العربي بما تمتلكه من ثروة هائلة من موارد النفط والغاز الطبيعي، وبما تقوم به من دور لضمان أمن الطاقة، تعمل على توفير الطاقة البديلة والمتجددة وتطوير التكنولوجيا الخاصة بها. وقد أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة، مدى اهتمامها الاستراتيجي بوضع الطاقة في العالم؛ فسعت للعمل في محورين: الأول، هو تطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة، والثاني، دعم الجهود الدولية لتوفير طاقة نظيفة، ولذلك أخذت دولة الإمارات المبادرة لتحافظ على دورها الرائد في خريطة الطاقة العالمية وتعززه في المستقبل للحفاظ على استقرار سوق الطاقة العالمية، انطلاقاً من نظرتها البعيدة المدى التي تأخذ في الاعتبار مصالح الأطراف كلها؛ لتعزيز أسباب تعافي العالم من آثار الأزمة المالية التي كبدته، ومازالت، خسائر كبيرة، وتحقيق التوازن الاستراتيجي في الطاقة بين الإمدادات والاحتياجات، ولذا نأمل أن يكون هذا المؤتمر إضافة نوعية إلى جهود دولتنا الغالية في تنفيذ خططها وبرامجها للاستفادة من تكنولوجيا الطاقة.

وأعرب السويدي عن ثقته بإتاحة المؤتمر الفرصة لتبادل الأفكار البنَّاءة وإثراء النقاش بين الخبراء والمسؤولين حول القضايا المطروحة؛ للتوصل إلى الحلول والاقتراحات الواقعية والعملية، وتسليط الضوء على الخيارات المثلى التي يمكن اتباعها في طريقنا نحو المستقبل.

وألقى الكلمة الرئيسية في المؤتمر د. تود لورسن، رئيس جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث في دولة الإمارات العربية المتحدة، أكد فيها ألأهمية البالغة للبحث في الطاقة ومستقبلها، وضرورة توظيف البحث العلمي في إيجاد تقنيات جديدة للحد من استهلاك الطاقة، والاستثمار في الطاقة المتجددة والبديلة، مستعرضاً دور جامعة خليفة العلمي في تطوير البنى التحتية للتقنيات العلمية والبحثية في هذا المجال، فضلاً عن أهمية المخرجات العلمية في دولة الإمارات العربية المتحدة في تحفيز الابتكار والإبداع في المجالات كافة بما فيها مجال الطاقة.

بعدها بدأت الجلسة الأولى وحملت عنوان: التكنولوجيا ونظام الطاقة العالمي، ترأسها د. محمد عبد الرحمن العسومي، المستشار الاقتصادي في مصرف الإمارات الصناعي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، واستهلها أ. د. كين كوياما، كبير خبراء الاقتصاد، والعضو المنتدب في معهد اقتصادات الطاقة في اليابان بمحاضرة عن التغيرات في ميزان العرض والطلب العالمي على الطاقة، أوضح، أنه من المتوقع أن يواصل الطلب العالمي على الطاقة ارتفاعه على المدى الطويل، مدعوماً بنمو اقتصادي وسكاني. فخلال العقود المقبلة، سينمو الطلب على الطاقة بمعدلٍ كبير في كلٍ من الصين والهند، وغيرهما من الدول الآسيوية النامية، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط. أما بالنسبة إلى معدّل نمو الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فسيبقى ثابتاً، أو ربما ينخفض بفعل انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وازدياد كفاءة الطاقة.

وقال كوياما، وبالنسبة إلى الطلب العالمي على أنواع الطاقة، سيشهد الوقود الأحفوري النمو الأكبر. ومع ذلك، من المتوقع أن تتطور الطاقة المتجددة بشكل سريع بفضل السياسات الداعمة وانخفاض التكاليف. فضلاً عن ذلك، فمن المتوقع أن يتزايد استخدام الطاقة النووية.

وأضاف، على جانب العرض، ثمة تطورات سوف تؤثر في مشهد الطاقة العالمية، يأتي في مقدمتها: تطور الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية، وأشار إلى أن هذه الورقة تسعى إلى تحليل التوقعات الخاصة بالعرض والطلب على الطاقة العالمية حتى عام 2035 . مستشهداً بعقود الطاقة الآجلة في الدول والمناطق الكبرى؛ مثل الصين والهند والشرق ألأوسط. واضعاً سيناريوهات تتعلق بالعرض والطلب على الطاقة العالمية حتى عام 2035.
………………….
المصدر
عن موقع بيئة ابو ظيى 
http://abudhabienv.com

عن هاني سلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.