اكبر مسرّع للجسيمات في العالم

كتب ربيع العزّابي – تونس
صادم الهدرون الكبير (LHC Large Hadron Collider) هو في الحقيقة أكبر ميدان لسباق الجسيمات في العالم. في نفق دائري طوله 27 كيلومترا بعمق قدره 100 متر تحت الأرض تقذف الجسيمات بسرعة تمثّل 99.9999991% من سرعة الضوء و تدور بالتالي داخل المسرّع 11245 دورة في الثانية الواحدة. شعاعان من البروتونات يدوران داخل المسرّع كلّ شعاع بطاقة قصوى قدرها 7 تيرا إلكترونفولت (7 TeV)، ما يؤدّي إلى تصادمات بطاقة 14 ت إ ف. و هو ما يساوي تقريبا 600 مليون تصادم في الثانية.
لماذا هذه التسمية “صادم”؟
يسمّى مسرّع الجسيمات صادما لاّنّه آلة تدور داخلها أشعّة (جمع شعاع) من الجسيمات في اتجاه معاكس ما ينتج اصطداما. و هذا يمثّل ميزة كبرى مقارنة بأنواع أخرى من المسرّعات و التي يكون فيها الاصطدام بين شعاع متحرّك و هدف ساكن. في الواقع، عندما يصطدم شعاعان متحرّكان من الجسيمات فإنّ الطاقة المتولّدة عن الإصطدام تساوي مجموع طاقة الشّعاعين. بينما الاصطدام بين نفس الشّعاع و هدف ساكن (غير متحرّك) ينتج طاقة أقلّ بكثير.
مركّب المسرّعات في سيرن (CERN) (سيرن: المنظّمة الأوروبية للبحوث النووية):
صادم الهدرون الكبير هو في الواقع ليس آلة منعزلة بل تتمّ تغذيتها بواسطة جملة من المسرّعات المتتالية المترابطة فيما بينها. تسرّع بالتالي البروتونات و المكوّنة من أشعّة في أربع آلات يكبر حجمها بالتدريج قبل أن تحقن بطاقة 450 ج.إ.ف (جيغا الكترون فولت GeV) داخل النفق الدائري الذي يبلغ طوله 27 كيلومترا. تتضاعف إثر ذلك الطاقة التي تسرّع الأشعّة 15 مرّة بالغة بذلك 7000 ج.إ.ف، قبل أن تبدأ التصادمات في مركز الكاشفات (الكاشفات détecteurs آلات داخل المسرّع تكشف عن وجود الجسيمات الأولية و الذرات). كلّ شعاع مكوّن من حوالي 3000 حزمة من البروتونات، كل حزمة مكوّنة من 100 مليار بروتون. للحفاظ على حركة البروتونات بمثل تلك الطاقة العالية و في مسارات مستقرّة داخل النفق يجب تعريضها إلى حقل مغناطيسي قوي جدا قدره 8.3 تسلا (Tesla). من أجل الوصول إلى هذا الحقل العالي، تمّ تركيب حوالي 9000 مغناطيس ملفوف بأسلاك مكوّنة من معدن فائق النّقل يحتاج إلى تبريد مستمرّ كي يحافظ على مميّزاته.
مكوّنات النّفق:
النّفق في الحقيقة ليس دائريا تماما. و إنّما مكوّن من ثمانية أجزاء في شكل أقواس و ثمانية أخرى في شكل مستقيم. كلّ قوس يحوي حوالي ثلاثين وحدة مغناطيسية، و التي تمثّل خلايا صادم الهدرون الكبير (كل وحدة مكوّنة من 9000 مغناطيس متتالي من أنواع مختلفة).
الثلاّجة الأكبر في العالم:
شبكات التبريد العميق cryogénique)) ضرورية من أجل عمل المغناطيسات فائقة النّقل. من أجل تبريدها، يقع ضخّ الأزوت السّائل من أجل خفض الحرارة إلى 80 كلفين (أي 193.2 تحت الصفر). في الجملة: يجب ضخّ 12000 طنّ من الأزوت السائل لكلّ حاويات التبريد العميق. ثمّ يقع البدء في ضخّ الهليوم السائل من أجل خفض الحرارة من 80 كلفين إلى 4.5 كلفين. مئة طنّ تقريبا من الهليوم السائل يقع ضخّها في الأجزاء الباردة من الصادم. في النهاية، يقع بلوغ حرارة 1.9 كلفين بواسطة خفض ضغط الهليوم إلى 18 ملّيبار (mellibars)، و نصل بالتالي إلى حرارة.. جليدية. تقوم مضخّات خاصّة بدور تأمين الفراغ داخل غرف الأشعّة و غرف التبريد العميق. في الجملة، أربع وحدات ضخّ، كل واحدة بطول 27 كيلومترا على امتداد صادم الهدرون الكبير.

عن هاني سلام

شاهد أيضاً

نفوق الأسماك و درجة الحرارة

كتب : مهندس زراعي محمد أبو ضافر □ من أهم العوامل المؤثرة على حياة ونمو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.