كثر الحديث في الأيام الماضية عن مجموعة من الجوانب السلبية ومشاكل أحدثتها الشبكة العنكبوتية بما أتاحته من تقنيات ومزايا انعكست سلبا على حياتنا تحديدا نحن العرب، لخصوصية القوقعة كما يربطها الكثيرون منا، أو ما نسميه نحن التزام وحذر، وواقعية بغض النظر عن الأفاق والتطلعات، لكن الأمر اليوم يتجاوز حدود معطيات السلب والإيجاب من ناحية الاستخدام الذي أثارته معطيات وبشكل متلاحق وعميق ثورة شعب على نظام حكومي، ثورة وإن جسدتها ودعمتها وبشكل كلي توظيف صفحات الكترونية ك twittre-face book-you tube، كلها تم تجنيدها عكس تيار وما تشتهيه الحكومة التونسية، والتي وفي وقت سابق حاولت المستحيل لقمع ثورة وأكثر من ذلك عزلها عن العالم، محاولات نجحت مع وسائل الإعلام التقليدية، ولكنها فشلت وعجزت تماما في شقها الافتراضي العنكبوتي الذي فر من كل القيود.
واقع أحدث انتقالية نوعية نحو تغيير النظرة الفعلية لشبكة التواصلية البديلة وإن أضحت اليوم أساسية ومهيمنة، حتى ولو شاب استخدامها سلبيات ومشاكل لا تنتهي ولكنه بالتأكيد ثمن التغيير، وإن طغت عليها استخدامات السياسة إلا أنها انفتحت اليوم على رؤى ومستجدات من شأنها أن تغير منطق التفكير العربي، إذا هي لعبة سياسية محبوكة الأطراف ومتشابكة الخيوط، وبتقنيات علمية وتطلعات افتراضية، في محاولة لخدمة جهات معينة ومحددة المعالم، ممثلة بشعب ثائر أو حكومة ديكتاتورية أو ديمقراطية ومهما اختلفت المسميات فالنتيجة واحدة، أبانتها للعلن نجاح الثورة التونسية الالكترونية، نجاح عموده فضح ممارسات وألاعيب نظام مستبد أطيح به إلي الهاوية، لقوة ما قدمه جنود وضباط تحت مظلة الشبكات التواصلية الاجتماعية، إنها اليوم تؤكد على فرضية تاريخ ليس ببعيد فوكيليكس لم يكن يوما اسما عاديا ولا حتى موقع ، لم يحلم صاحبه أنه سيصبح أشهر اسم الكتروني بل وأخطره، هدد سلطات وحكومات كانت ولازالت تعتبر من أسياد العالم ومحركيه، لكن النجاعة الحقيقة كانت بالعقول التونسية، فعلى الرغم من محاولات حكومة بن العلى المخلوعة حجب بعض المواقع الرئيسة على الفضاءات التونسية إلا أنها لم تفلح بذلك، إذ وقع المحظور وأسقط النظام بفعلة شعب جند كل شيء في سبيل إحقاق قضية هي في نظره عادلة.
ما حدث في الشارع التونسي مثل نقطة التحول لنظرة واستخدامات الشبكة العنكبوتية، استخدام قد يخيف الحكومات مستقيلا ، ومما من إجراء قد يحد من طغيان جيل الكتروني رأى في هذه التقنية صوته الوحيد والمسموع، إذا هي ثورة كشفت الغطاء وأبانت عن حجم وهول الأدوار التي تلعبها الصفحات والمواقع الالكترونية، أدوار مخيفة ومروعة في آن ذاته لهول وقوة ما قد تفعله وتحدثه في المستقبل القريب، والعبرة فيما حدث لبن على، فمن سيكون الضحية والجلاد في لعبة سيدتها بلا منازع الانترنت؟
شاهد أيضاً
رضا حجازي.. لا تتوقف عن الحلم
1. لا تتوقف عن الحلم: الأحلام الكبيرة هي التي تدفعك للعمل الجاد وتحقيق الإنجازات العظيمة. …