الحديد بالحديد يصهر و…..داوني بمن كانت هي الداء
كتب رياض معزوزي
في عصر الازدهار الالكتروني وفي زمن قيام حكومات الكترونية كما في بلجيكا وكندا والولايات المتحدة ودولة الامارات العربية المتحدة، تغيرت معه اشكال الاشياء وأنماطها ومنها ولا شك انماط تحصيل المعلومة والتي قد يحتفظ بعضها بمسماها التقليدي مع تغيير جوهري أو بسيط في طرق ارتكابها خاصة وأن المعلومة باتت تصلنا اليوم الى بيوتنا عن طريق الاعلام الحديث ومنه الافتراضي ،ولكن أحيانا يستقي الباحثين والفضوليين معلوماتهم دون معرفة مصدرها ونسبها وفي بعض الأحيان تتداخل المعلومات وتنتهك فيها أعراض الغير وتنسب لأشخاص لا صلة لهم بالابداع ولا الفكر ويسير في خطى الشهرة المزيفة، وهي نوع هذه الجرائم الحديثة في طرقها القديمة في اسمها وعروفة باسم القرصنة الالكترونية والاستحواذ عن ممتلكات الغير الفكرية والتى اخذت منحنى بياني خطير ومتصاعد وكذا حديث يتماشى مع التطور التقنى المتسارع،الظاهرة في وططنا العربي بات خطيرا سيما بدول شمال افريقيا والشرق الأوسط بالنظر الى تدني المستوى المعيشي وانعدام الدخل المادي الكفيل بتوفير مصادر معلوماتة بأموال كثيرة أرغمت عددا من الشباب والباحثين الى انتهاج منهج القرصنة الخطير غير واعين بالأخطار الكبيرة التي تنجم عنها بالنسبة لاقتصاد الدولة وللثروة الفكرية وبروز اشكال حقوق المؤلف التي باتت في ظل الأنترنيت تتلاشى وأصبح للكتاب 03 مؤلفين أو أكثر ولبراءة الاختراء مسراها نحو الزوال .
تسونامي اتحاد الشركات المتخصصة ويقابلها زلزال الابداع في القرصنة
القرصنة هي الاستخدام غير المشروع لنظم التشغيل أوولبرامج الحاسب الآلي المختلفة. وقدتطورت وسائل القرصنة مع تطور التقنية، ففي عصر الإنترنت تطورت صور القرصنة واتسعت واصبح من الشائع جدا العثور على مواقع بالإنترنت خاصة لترويج البرامج المقرصنة مجانا أو بمقابل مادي رمزي. وقد ادت قرصنة البرامج إلى خسائر مادية باهضة جدا في مجال البرمجيات وحدها، ولذلك سعت الشركات المختصة في صناعة البرامج إلى الاتحاد وأن شاء منظمة خاصة لمراقبة وتحليل سوق البرمجيات ومن ذلك منظمة اتحاد برمجيات الاعمال ( Busines Software Alliance ) أو ما تعرف اختصارا بـ(BSA)، والتى اجرت دراسة تبين منها ان القرصنة على الإنترنت ستطغى على انواع القرصنة الاخرى، ودق هذا التقرير ناقوس الخطر للشركات المعنية فبدأت في طرح الحلول المختلفة لتفادي القرصنة على الإنترنت ومنها تهديد بعض الشركات بفحص القرص الصلب لمتصفحي مواقعهم على الإنترنت لمعرفة مدى استخدام المتصفح للموقع لبرامج مقرصنة الا ان تلك الشركات تراجعت عن هذا التهديد اثر محاربته من قبل جمعيات حماية الخصوصية لمستخدمي الإنترنت . كما قامت بعض تلك الشركات بالاتفاق مع مزودي الخدمة لابلاغهم عن اي مواقع مخصصة للبرامج المقرصنة تنشأ لديهم وذلك لتقديم شكوي ضدهم ومقاضاتهم ان امكن أو اقفال تلك المواقع على اقل تقدير. والقرصنة عربيا لا تختلف كثيرا عن القرصنة عالميا ان لم تسبقها بخطوات خاصة في ظل عدم توفر حقوق الحماية الفكرية أو في عدم جدية تطبيق هذه القوأن ين ان وجدت ،زيادة الى الأسباب السابق ذكرها من فقر وانعدام مصادر مالية لشراء الكتب وبلوغ مصدر المعلومة، وعلى الرغم من كل هذه الاجراءات وأخرى الا أن القرصنة باتت تتطور هي الأخرى بتقاعض من بعض الخبراء في المعلوماتية ودراسة البرمجيات ما يعني أن القضية تبقى معقدة ولا بد من ايجاد حل لها بتغيير الذهنيات أولا.
الجامعات العربية من مكان لدحر القرصنة الى أرض خصبة لها؟
تشير دراسات أن الطلبة الجامعيون بالدول العربية يكونون على رأس قراصنة الشبكات والبرمجيات سيما في الفترات النهائية للتخرج من الجامعية أين يتوازى ذلك مع انشاء مذكرات التخرج النهائية ،وتشير نفس الدراسات الى ان معاهد العلوم التقنية تكون أكبر بالنظر الى طبيعة التخصص الذي يكون له علاقة في تسيير البرمجيات واقتحام الشبكات، وانتقد باحثون الطريقة التي تتعامل بها الجامعات العربية مع البحوث والمذكرات اذ كان من المفروض أن تتابع الجامعة الباحث في مصادره والتحقق في مصداقية المعلومة وانتساب المصادر المعتمد عيها ففي كثير من الأحيان يتم نسب كتاب لمؤلف غير مؤلفه ولموقع غير أصله وهذا دواليك،والقضية ليست متوقفة عند العرب بل حتى الدول المتطورة تعاني من هذا الاشكال بحيث أظهرت دراسة جديدة قيام واحد من كل خمسة طلاب من طلبة الجامعات البريطانية بإختراق حسابات الشبكات الإجتماعية أو حسابات البريد الإلكتروني أو حسابات التسوق علي الإنترنت. ووجدت الدراسة المسحية، التي أجرتها شركة “توفين تيكنولوجيز” المتخصصة في حلول أمن تكنولوجيا المعلومات، أن ما يقرب من 37 % من طلاب الجامعات البريطانية اْخترقوا حسابات علي شبكة التواصل الإجتماعي “فيس بوك”، وأن 10 % منهم إستهدفوا حسابات للتسوق عبر الإنترنت، في حين قام 26 % منهم بإختراق حسابات للبريد الإلكتروني. وترسم نتائج تلك الدراسة صورة مروعة حول إستخفاف الطلاب الجامعيين بالخصوصية عبر شبكة الإنترنت، وكيف يمارسون القرصنة الإلكترونية بشكل غير قانوني عبر إختراق أنظمة الكمبيوتر أو حسابات الأشخاص الآخرين. واذا أردنا ان نتخلص من هاجس كل هذا كان لزاما علينا على تغيير الذهنيات من خلال نشر ثقافة التخلي على القرصنة بفرض خطوراتها على الفرد والمجتمع وكذا غراستها في أذهان التلاميذ في الأطوار الأولى من التعليم حتى تنمو معهم الفكرة جيدا ويعي الشخص حقوق التأليف ويبدا من منطلقه ان هل يقبل أن ينسبه شخص لغير أصله؟؟؟؟المجيب عن السؤال دواء لمعضلة القرصنة .
قوانين بلا تحركات والدول العربية ما زالت تتفرج
تعتبر السويد أول دولة تسن تشريعات خاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت، حيث صدر قانون البيانات السويدي عام (1973م) الذي عالج قضايا الاحتيال عن طريق الحاسب الآلي إضافة إلى شموله فقرات عامة تشمل جرائم الدخول غير المشروع على البيانات الحاسوبية أو تزويرها أو تحويلها أو الحصول غير المشرع عليها . وتبعت الولايات المتحدة الأمريكية السويد حيث شرعت قانونا خاصة بحماية أنظمة الحاسب الآلي (1976م 1985م)، وفي عام (1985م) حدّد معهد العدالة القومي خمسة أنواع رئيسة للجرائم المعلوماتية وهي: جرائم الحاسب الآلي الداخلية، جرائم الاستخدام غير المشروع عن بعد، جرائم التلاعب بالحاسب الآلي، دعم التعاملات الإجرامية، وسرقة البرامج الجاهزة والمكونات المادية للحاسب. وفي عام (1986م) صدر قانونا تشريعاً يحمل الرقم (1213) عرّف فيه جميع المصطلحات الضرورية لتطبيق القانون على الجرائم المعلوماتية كما وضعت المتطلبات الدستورية اللازمة لتطبيقه، وعلى اثر ذلك قامت الولايات الداخلية بإصدار تشريعاتها الخاصة بها للتعامل مع هذه الجرائم ومن ذلك قانون ولاية تكساس لجرائم الحاسب الآلي.وتأتي بريطانيا كثالث دولة تسن قوانين خاصة بجرائم الحاسب الآلي حيث أقرت قانون مكافحة التزوير والتزييف عام (1981م) الذي شمل في تعاريفه الخاصة بتعريف أداة التزوير وسائط التخزين الحاسوبية المتنوعة أو أي أداة أخرى يتم التسجيل عليها سواء بالطرق التقليدية أو الإلكترونية أو بأي طريقة أخرى.وتطبق كندا قوانين متخصصة ومفصلة للتعامل مع جرائم الحاسب الآلي والانترنت حيث عدلت في عام (1985م) قانونها الجنائي بحيث شمل قوانين خاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت، كما شمل القانون الجديد تحديد عقوبات المخالفات الحاسوبية، وجرائم التدمير، أو الدخول غير المشروع لأنظمة الحاسب الآلي.وفي عام (1985م) سنّت الدنمارك أول قوانينها الخاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت والتي شملت في فقراتها العقوبات المحددة لجرائم الحاسب الآلي كالدخول غير المشروع إلى الحاسب الآلي أو التزوير أو أي كسب غير مشروع سواء للجاني أو لطرف ثالث أو التلاعب غير المشروع ببيانات الحاسب الآلي كإتلافها أو تغييرها أو الاستفادة منها .وكانت فرنسا من الدول التي اهتمت بتطوير قوانينها الجنائية للتوافق مع المستجدات الإجرامية حيث أصدرت في عام (1988م) القانون رقم (19-88) الذي أضاف إلى قانون العقوبات الجنائي جرائم الحاسب الآلي والعقوبات المقررة لها.أما في هولندا فلقاضي التحقيق الحق بإصدار أمره بالتصنت على شبكات الحاسب الآلي متى ما كانت هناك جريمة خطيرة، كما يجيز القانون الفنلندي لمأمور الضبط القضائي حق التنصت على المكالمات الخاصة بشبكات الحاسب الآلي، كما تعطي القوانين الألمانية الحق للقاضي بإصدار أمره بمراقبة اتصالات الحاسب الآلي وتسجيلها والتعامل معها وذلك خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام.وفي اليابان قوانين خاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت ونصت تلك القوانين على انه لا يلزم مالك الحاسب الآلي المستخدم في جريمة ما التعاون مع جهات التحقيق أو إفشاء كلمات السر التي يستخدمها إذا ما كان ذلك سيؤدي إلى إدانته.كما يوجد في المجر وبولندا قوانين خاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت توضح كيفية التعامل مع تلك الجرائم ومع المتهمين فيها، وتعطي تلك القوانين المتهم الحق في عدم طبع سجلات الحاسب الآلي أو إفشاء كلمات السر أو الأكواد الخاصة بالبرامج.وعلى مستوى الدول العربية لم تقم أي دولة عربية بسن قوانين خاصة بجرائم الحاسب الآلي والانترنت، ففي مصر مثلا لا يوجد نظام قانوني خاص بجرائم المعلومات، إلا أن القانون المصري يجتهد بتطبيق قواعد القانون الجنائي التقليدي على الجرائم المعلوماتية والتي تفرض نوعا من الحماية الجنائية ضد الأفعال الشبيهة بالأفعال المكونة لأركان الجريمة المعلوماتية.وكذا الحال بالنسبة لمملكة البحرين فلا توجد قوانين خاصة بجرائم الإنترنت، وان وجد نص قريب من الفعل المرتكب فان العقوبة المنصوص عليها لا تتلاءم وحجم الأضرار المترتبة على جريمة الإنترنت. وفى السعودية ، أعلنت السلطات المختصة أنها ستفرض عقوبات بالحبس لمدة عام واحد وغرامات لا تزيد عن 500 ألف ريال فيما يعادل 133 ألف دولار لجرائم القرصنة المرتبطة بالانترنت واساءة استخدام كاميرات الهواتف المحمولة مثل التقاط صور دون، في وقت يكون فيه المغرب العربي مغيب تماما وكأن الأمر لا يعنيها
الحديد بالحديد……… يصهر
وبما أننا في ثقافتنا العربية نقول بأن الحديد بالحديد يصهر والحمة دواؤها الحمام وعلى غرار مقولة “وداونى بالتى كانت هى الداء” لجأت العديد من الدول إلى استخدام القراصنة أنفسهم للحد من هذه الظاهرة ففى الولايات المتحدة الأمريكية بدأ مكتب التحقيقات الأمريكى الـ”إف بي آي” الاستعانة بقراصنة الكمبيوتر لمساعدتهم في مكافحة الجريمة والإرهاب من خلال الدخول على أجهزة المستخدمين ومراقبتهم على الشبكة الدولية وهو ما يعتبره بعض الخبراء نوعاً من أنواع قمع الحريات.ويؤكد عملاء فيدراليون أن المرحلة المقبلة من مكافحة الإرهاب والجريمة ستتطلب الاستعانة بأذكى العقول التقنية لخوضها، وأن هذه العقول ستوفر مبالغ ضخمة تضطر الحكومة لدفعها إلى القطاع الخاص.ويسعى العملاء الفيدراليون بالوصول إلى تكنولوجيا تتيح لهم أن يتعرفوا إلى هويات مستخدمي الانترنت ومعرفة ما يفعلونه.وهو ما دفع مكتب التحقيقات الامريكى استغلال المؤتمر الدولى “ديفكون” للقراصنة المنعقد في لاس فيجاس للبحث عن كوادر من القراصنة تساعدهم على اختراق أجهزة الكمبيوتر والدخول على المواقع وغيرها من عمليات القرصنة التى قد تفيدهم فى الحد من عمليات الإرهاب.وشارك 6 آلاف من القراصنة ومحترفي الكمبيوتر في هذا المؤتمر، الذى ضم ألعاب ومسابقات وبحوث لاختراق أجهزة كمبيوتر ومواقع انترنت وقرصنة برامج وأقفال حقيقية.وصرح كبير محللي الاختراق في وكالة الأمن القومي الأميركية توني سيجر أن الوكالة تعرض مشاركة المعلومات للعامة على أمل أن تكسب محترفي الكمبيوتر كحلفاء في مجال الأمن الرقمي.وأضاف “أعتقد بأننا جزء من مجتمع أكبر، وفي الأيام الخوالي كنا الوحيدين الذين نبحث في هذا المجال، وكانت أهمية اكتشافاتنا تنبع من أنها الوحيدة، أما الآن، فقلت أهمية اكتشافاتنا وزادت أهمية اكتشافات الآخرين.فان هناك عدد من الناشطين عبر المواقع الاجتماعية كالفايسبوك والتويتر وتيغت وغيرها ينادون لانشاء صفحات لتوعية روادها بخطر القرصنة ونشر ثقافة حقوق التأليف ،وهي فكرة رائعة ورائدة وبامكانها نقل الفكرة وايصال الرسائل لعشرات الآلاف من مرتادي هذه المواقع والى مختلف انحاء العالم، وبالتالي نكون قد حاربنا هذه الجريمة الالكترونية بطريقة الكترونية زيادة الى ضورة الابلاغ على أي موقع ينشر مثل هذه الأفكار والنصح والارشاد لعدم استعمال المعلومات الواردة الينا منه ،مع محاولة التبليغ عن الصفحة في الموقع لأكبر قدر ممكن من الشباب باعتبارها الفئة الأكبر استعمالا للأنترنت ،وهذا لا يعني بأننا نستطيع التخلي عن الطرق التقليدية في دحر ظاهرة اللقرصة وحماية حقوق المؤلف بل يبقى للمدرسة والجامعة والمسجد والاعلام التقليدي دوره كذالك في ترسيخ الفكرة لان المشكل في العالم وسيما الدول العربية في الذهنيات ولا بد من التركيز عليها جيدا.
رياض معزوزي/الجزائر