كتبت سامية نجاعي من الجزائر-
لقد عرف المجتمع الجزائري خلال السنوات الأخيرة مواجهة العديد من الجرائم المختلفة ،غير أن المستجد هو دخول تقنية الحاسب الالي فيها بطريقة مباشرةأو غير مباشرة كوسيلة أوهدف لتنفيذ العمل الاجرامي مما ساهم في انتقال الجريمة من الشوارع الجزائرية الى امكانية تنفيذها في المنازل ومن وراء شاشات الحاسوب فقط.
ان ظاهرة جرائم الكمبيوتر والأنترنت أو جرائم التقنية الحديثة أومايعرف بالجرائم الالكترونية يعد ظاهرة اجرامية حديثة على المجتمعات الجزائرية والتي تزامن انتشارها بانتشار التقنيات الحديثة والتكنولوجيا التي ساهمت بشكل فعال في الغاء حاجزي الزمان والمكان وتسهيل عملية تواصل الأفراد فيما بينهم،غير أن هذه التقنية الحديثة بالرغم مما تمتلكه من مميزات ساهمت بشكل كبير في رقي المجتمع الجزائري نحو الأفضل وتفتحه على الاخر وتنامي حلقات الوصل بين الأفراد حيث يشكل مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة مجالا حيويا بما يمتلكه من ميكانيزمات ساهمت بشكل فعال في ترقية المجتمع الجزائري وتبوئه مكانة هامة بين باقي المجتمعات والدول الأخرى.فامتلاك التقنية اليوم يعد عاملا مهما من عوامل ازدهار البلد وركوبه عجلة التنمية،صاحبه كذلك الكثير من السلبيات والعيوب خاصة اذا ما تم استخدامها من طرف أشخاص ذوي نفوس مريضة تسعى للانتقام والتخريب.مما أدى الى تفاقم الجريمة في الواقع الافتراضي وهذا بسبب الوضع الأمني المشدد والذي ساهم في تقليص الجريمة بشكل كبير في الشوارع الجزائرية .
وهو نفس ما أشارت اليه المختصة في علم الاجتماع زهرة فاسي التي ترى أن الجريمة الالكترونية في الجزائرقد تحولت من الشارع الى الحواسيب بسبب”الخناق”الذي فرضته أجهزة الأمن على الجريمة العادية،وحول طبيعة منفذي الابتزاز تقول الأستاذة فاسي:”هم متمرسون ويعرفون القوانين جيدا”،مشيرة الى أن المبتزين ينتحلون صفات منها رجال أعمال أوحتى مسؤولين وشخصيات نافذة وكبيرة في الدولة،يتمكنون بالايقاع بالضحايا عبر وثائق مزورة يسهل نسخها من الأنترنت.
وفيما يتعلق بالابتزاز الذي تقع ضحيته فتيات من طرف أشخاص يقومون بتهديدهن ،تقول المختصة في علم الاجتماع أن النساء في المجتمع الجزائري لا يبلغن عن الفاعل خوفا من الفضيحة مشيرة الى أن العديد من الفتيات رضخن للابتزاز زسلمن مبالغ مالية ضخمة مقابل عدم نشر صورهن ومنهن من هربن من بيت الأهل والزوجية خوفا من الفضيحة.
وفي ذات السياق أشار الرائد رامشية فريد في تصريح للصحافة بمناسبة تنظيم يوم تحسيسي لفائدة أطفال المدارس على مستوى المؤسسة الابتدائية*جرجرة*ببلدية باش جراح بالعاصمة لتوعيتهم بخطورة المخدرات والاستعمال السيء للأنترنت أنه قد تم منذ بداية سنة2018 والى غاية 27نوفمبر الفارط قد تم معالجة 1140 قضية متعلقة بالجريمة الالكترونية على مستوى المصلحة المركزية لمكافحة الاجرام للدرك الوطني .مشيرا الى أن 30بالمئة من هذه القضايا تتعلق “بالابتزاز والتشهير”خاصة في حق الفتيات الجزائريات اللواتي يدخلن في علاقات عاطفية مع شباب من بلدان أخرى بغرض الزواج.
غير أنه ومن الملاحظ في كثير من الأحيان أن الضحية لاتقوم بالابلاغ عن مرتكب الجريمة وتخضع لطلباته التي غالبا ما تتمثل في الحصول على مبالغ مالية هائلة قد لا تتمكن الضحية من توفيرها .وهنا فان ايداع شكوى من طرف ضحايا هذا النوع من الابتزاز سيمكن مصالح الأمن من تحديد هوية الجاني والقاء القبض عليه،أما اذا كان الجاني من دولة أخرى فان ذلك يؤدي الى عرقلة التحقيق وعدم بلوغه مسعاه المنشود.
ان التوعية المبكرة للأفراد الجزائريين خاصة فئة(المراهقين والشباب منهم) قد تساهم بشكل فعال في الحد من ظاهرة الجريمة الالكترونية،وقد أشاررئيس أمن ولاية الجزائر مراقب الشرطة محمد بطاش الى ضرورة توعية الشباب بالمخاطر التي تنجر عن الاستعمال السيء للأنترنت تعد أحسن وسيلة لحماية الشباب من هذه الافات الخطيرة التي أصبحت تنخر في المجتمع.هذا بالاضافة الى الجانب القانوني الذي يمثل الرادع الأمثل لمثل هكذا جرائم حيث أعلن السيد طيب لوح في ندوة صحفية أنه”يتم التحضير لمشروع قانون متعلق بمحاربة الجريمة الالكترونية”كما أشار الى الى ضرورة التعاون الدولي حينما يتعلق الأمر باستعمال التكنولوجيات الحديثة في التحريض على جريمة الارهاب أو أي جريمة أخرى ذات أبعاد دولية.
كما أن ارتفاع الجرائم الالكترونية في ارتفاع مستمر وذلك تزامنا مع ارتفاع عدد مستخدمي تكنولوجيا الاتصالات وهذا مايدفعنا الى ضرورة انشاء برامج اعلامية وحملات توعوية في هذا السياق للتعريف بمخاطر هكذا استخدامات قد تعود بأضرار جسيمة على الفرد والمجتمع على حد سواء،بالاضافة الى توعية الأهالي بضرورة مراقبة مايشاهده الأطفال من خلال استخدامهم لهذه التكنولوجيا.
ان حديثنا عن الجرائم الالكترونية لا يمكن حصره فقط في جرائم مواقع التواصل الاجتماعي بل قد تتعداه الى جرائم أخرى تخص قرصنة المواقع والحسابات والبيانات والتي قد تؤدي الى خسارة الكثير من الأفراد والبنوك لأموال طائلة لايمكن استرجاعها وهو مايدفعنا الى تصنيف مرتكبي الجريمة الالكترونية الى ثلاثة أنواع:الهاكرز وهم القراصنة الذين يتخذون من الجرائم الالكترونية والقرصنة هواية ليس أكثر ويكون غرضهم هو التخريب وليس هدفا غائيا،ويكونون غالبا من فئة الشباب المصابة بهوس التعمق في المعلومات الالكترونية أوالحسوب.أما النوع الثاني فهم الكراكرز وهم القراصنة المحترفون ويعد هذا النوع من أكثر أنواع مرتكبي الجرائم الالكترونية خطورة.في حين يسمى النوع الأخير بالطائفة الحاقدة التي تستهدف غالبا المنظمات والمنشات وأرباب العمل،ويكون الهدف من ارتكابها هو الانتقام والحصول على المنفعة المادية والسياسية.
ان كل هذه الأنواع من مرتكبي الجرائم الالكترونية لا تعدو الا أن تصب في مصب واحد ألا وهو الجريمة الالكترونية بما تخلفه من أضرار نفسية ومادية على الفرد أوالجماعة.والتي تستدعي تجنيد كافة الامكانيات الأمنية والاعلامية للحد من تفاقم هذه الظاهرة مستقبلا .