كتب : السيد حامدي ياسين: باحث دكتوراه علوم الإعلام والاتصال، الجزائــر.
“أيّ خبر بلا مصدر لا مصداقية له، بل يصنف ضمن دائرة الإشاعة“،
هكذا تقول القاعدة الصحفية، فالصحفي المتمرس عليه إخضاع الواقعة القصصية للتقصي والتحقيق قبل نشرها للجمهور، وإلاّ فإن ماكتبه لا يعدو سوى تلفيقا وتزييفا. ولعل العالم اليوم بأسره يعيش فترة استثنائية بسبب انتشار جائحة “كوفيد 19″، تبعه تطبيق العديد من إجراءات العزل الطبي أو الحجر الصحي، لمحاصرة هذا الوباء وتفادي انتشاره، ولأن الفرد محاصر بوسائل الإعلام والاتصال خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، فإن اعتماده عليها لاستقاء الأنباء والاطّلاع على آخر المستجدات والأرقام عن هذا المرض، يزاداد حدة يوما بعد آخر، بحيث يصبح أسيرا لتلك المنصات الإعلامية والرقمية التي تستقطب الملايين من المستخدمين من كل الفئات وما تحتويه من المضمونات المتشعبة والمتعددة في كافة المجالات غير الخاضعة للرقابة ولا للمساءلة، ويزداد معها استخدام الزمن الإعلامي الذي يقضيه الفرد في استخدامه لهذه الوسائل، على حساب الزمن الاجتماعي الذي خلق روتينا جسده التباعد الاجتماعي. هذا المنطق يجعل الفرد يتلقى كما هائلا من المضامين والمحتويات دون غربلتها، ودون إعادة طرح الشك فيها، فهذه أخبار تتحدث عن وفيات، وأخرى عن أرقام كبيرة تخص الإصابات، وأخرى أخذت طابع الإثارة والدراما، فكان لها الحظ الأوفر في التأثير على نفسية الفرد، وإلى نشر حالات الذعر والتوتر النفسي، وإلى إشاعة بعض المغالطات وترسيخ الأفكار الخاطئة.
إن هذا الوضع قد سقطت في فخه حتى وسائل الإعلام، الي باتت دون مسؤولية مهنية تنشر بعض الأخبار من دون التحقق في مصادرها، وفي بعض الأحيان بحثا عن السبق الصحفي، دون أدنى اعتبار لأخلاقيات المهنة، ودون مراعاة لمسؤوليتها الاجتماعية في تحقيق الوظائف والـأدوار المنوطة بها في نشر الوعي الحقيقي وتنوير الرأي العام بالقضايا الجادة، وتوسيع دائرة النقاش العام، فأصبحت لا تفرق بين الشائعة والحقيقة، ولا بين المصدر الرسمي والكاذب، وتحولت الشائعة إلى سلطة وسطوة تهدد النسيج الاجتماعي بسبب سرعة انتشارها.
أمام هذه النوازل الإعلامية وجب وضع العديد من الآليات والضوابط القانونية والأخلاقية للتعامل والحد من تغلغل الشائعات وتسربها نذكر منها:
_ تكذيب الشائعات وذلك من خلال تقديم الخبر أو الحادثة من مصادرها الرسمية والموثوقة.
_ سَن قوانين ردعية تضبط الرقابة على من يتسبب في نشر الشائعات، الهدف منها تحقيق مصالح شخصية، وخدمة أغراض ذاتية.
_ التثبت من المصادر قبل نشر أي قصة خبرية.
_ قتل الشائعات عبر وسائل الإعلام الرسمية، من خلال إصدار بيانات صحفية تفند الوقائع المزيفة.
_ يجب التقيد بالقاعدة الصحفية: “كل قول ينسب إلى صاحبه، وكل رواية تنسب إلى راويها وكل خبر ينسب إلى مصدره”.
نافلة القول أن هذه البدائل الإعلامية بقدر ما تتيح للفرد الحرية الكاملة في نشر مايريده، وقدرتها على تحويل النموذج الإعلامي الأحادي مع وسائل الإعلام التقليدية، إلى نموذج أفقي بين المستخدمين، إلا أنها قد تتسبب في تأثيرات سلبية، بالنظر إلى الزمن الإعلامي الذي يقضيه الفرد في التعامل مع هذه المنصات، لذلك أمكن استغلال هذه الشبكات بشكل إيجابي، حتى تتحقق القيمة الإيجابية في التعامل معها.