( حديث عن امتحانات المرحلة الثانوية الصف الأول والثاني ونتائجها من خلال المنظور التربوي )
هل نجحنا في تقييم أبنائنا؟
( حديث عن امتحانات المرحلة الثانوية الصف الأول والثاني ونتائجها من خلال المنظور التربوي )
في البداية كلنا تابعنا باهتمام بالغ وربما أكثر من بالغ وشديد اختبارات الصف الأول والثاني الثانوي ورغم ما حدث من مشكلات تقنية وتسريب لللإجابات و..و… إلا أن الذي يثير الدهشة أن ما أحدث لغط وضيق هو إعلان النتيجة! وما صاحبها من ردود أفعال وبعيداً عن القرارات الأخيرة التي صدرت من وزارة التربية والتعليم بشأن الصفين الأول والثاني الثانوي وما بين مؤيد ومعارض ومصفق ومهاجم، إلا أن الكثير لم يتخذ الطريق المنهجي التحليلي في وجهة نظري لمعرفة هل بالفعل كنا بصدد تجربة تقييم لأبنائنا وفق المعنى العلمي للتقييم ووفق الفلسفة التربوية للعملية ذاتها أم كانت أي شيء أخر؟. لنرى:
في البداية وكما تعلمنا من أساتذتنا التربويين نبدأ بوضع المصطلح ومفهومه وسنجد أن وبإختصار المتعارف عليه من الاصطلاحات التربوية ما يلي:
التقويــم :
قياس الهدف ومعرفة نقاط القوي وتعزيزها ونقاط الضعف وعمل خطط لعلاجها،أي إصلاح الخلل والاعوجاج وتعديله.
التقييــم :
قياس الهدف وتحديد المستوي والاختبارات الشفوية أو التحريرية أداة من أدوات التقييم، أي إعطاء الشيء قيمته وتقيمه.
الفرق بين التقويم والتقييم وذلك من الناحية التربوية:
كثيراً ما يحدث لبس بين هذين المصطلحين ويمكن أن نضيف إليهما مصطلح القياس والاختبار.
التقييــم::
إصدار حكم عام في ضوء معايير محددة بأن نقول هذا طالب ( ضعيف – جيد – ممتاز).
التقويـــم:
لا يقتصر على إصدار حكم على قيمة الأشياء ولكن يتجاوز ذلك لاتخاذ القرارات فهو عملية تشخيصية علاجية وقائية.
القيـاس :
تقدير كمي ( رقمي ).
الاختبـار:
أحد وسائل الحصول على التقدير الكمي سواء كان الاختبار شفوي أو نظري أو تحريري أو حتى عملي.
وهذا ما يمكن توضيحه بالمثال التالي:
فإذا كان محمد طالب ضعيف في مادة الحساب فهذا هو التقييم.
وإذا كان لديه عدم تمييز بين إشارة الجمع والطرح فهذا هو التقويم.
وعلى هذا فإن الخطط العلاجية الفردية له ستكون تدريبه ومتابعة ذلك بأسئلة وتدريبات سواء في الفصل أو المنزل.
وإذا قرر المعلم تقدير محمد تقديراً رقمياً لما يستحقه من درجات مع مقارنته بزملائه ومدى الألمام بالدرس موضع الضعف لديه، فهذا هو القياس.
ولكي يتم ذلك يجب أن يكون عن طريق اختبار يحدده المعلم بمجموعة من الأسئلة وفي زمن محدد، وهذا هو الاختبار.
بمعنى مبسط:
* التقييم عملية مستمرة تنتهي بالتقويم.
* والتقويم ينتهي بالاختبار.
* والاختبار وسيلة القياس وتقدير المستوى كمياً.
وكان التوجه في وزارة التربية والتعليم بإتخاذ نموذج الاختيار من متعدد كشكل وحيد لأشكال الاختبارات التي يتم بها التعامل مع الصفين الأول والثانوي.
وبعيداً عن تناول مفهوم الاختبار التحصيلي وتصنيفاته وأنواعه، نتناول فقط الاختبار من متعدد من نقطة جوهرية وهامة لأنها فارقة تماما في التمييز والوقوف على ما تم من اختبارات،وهذه النقطة هي:
مكونات اختبار الاختيار من متعدد : يتكون اختبار الاختيار من متعدد من مفردات (تسمى أيضا فقرات)، وتتألف كل مفردة من جزأين:
الأول: هو العنصر الرئيس ويسمى المتنstem، وهو يمثل المشكلة. ويجب أن يشتمل المتن على شقين هما المحتوى والمطلب.
- المحتوى هو مقدمة أو معلومات لازمة لفهم المشكلة
- المطلب هو يحدد السؤال سواء في صيغة جملة استفهامية أو جملة تقريرية ناقصة.
الثاني: قائمة البدائل alternatives وهي تتضمن 4 أو 5 فقرات تمثل حلولا مقترحة: أحدها هو البديل الصحيح أو الأكثر دقة ويسمى الإجابة answer أما البدائل الأخرى فتسمى المشتتات distractors أي أنها تشتت الطالب الذي هو في شك من الإجابة الصحيحة، فهي عبارات خطأ أو غير دقيقة.
المطلوب من الطالب في هذا الاختبار هو اختيار البديل الذي يعتقد أنه الإجابة الصحيحة. دور المشتتات هو أن تبدو حلولا مقبولة للمشكلة من قبل الطالب الذي لم يحقق الهدف التعليمي الذي يقيسه السؤال، بينما الطالب الذي حقق الهدف التعليمي ستظهر لها المشتتات إجابات خطأ وسيكون متأكدا أن البديل الصحيح هو الحل المقبول للمشكلة.
وبهذا يتضح أن مفردة الاختيار من متعدد تقيس مهارة الطالب في القراءة والفهم واختيار الإجابة بين البدائل المتاحة، ووهذا يؤدي إلى يكون قد حقق الهدف التعليمي المقصود.
وإذا اتفقنا على ما سبق فالأخراج للأختبار في شكله ومضمونه هام جداً إذا كان الهدف هو بالفعل التقييم كما قيل، وعليه فأن اي اختبار الأختيار من متعدد له مواصفات عامة لزم اتباعها وهي متفق عليها بنسبة كبيرة بين المتخصصين ونذكرها منها نقطتين غاية في الأهمية:
– أن يشمل الاختبار جميع الوحدات التعليمية المستهدفة وأن تتوزع الأسئلة على نحو متناسب مع أهمية وحجم كل وحدة.
– وضع جدول مواصفات الاختبار على محورين بحيث يحدد أحدهما توزيع الأسئلة على وحدات المقرر (الوحدات التعليمية أو فصول الكتاب) بينما يحدد المحور الآخر توزيع الأسئلة بين المستويات المعرفية.
مثال مبسط:جدول مواصفات الاختبار:
الوحدة التعليمية | المستويات المعرفية | المجموع | ||
المعرفة | الفهم والتطبيق | مهارات التفكير العليا | ||
الأولى | 5 | 3 | 2 | 10 |
الثانية | 4 | 2 | 1 | 7 |
المجموع | 9 | 5 | 3 | 17 |
ويجب ملاحظة النسب حتى يمكننا المقارنة بين المتفق عليه وما حدث في الواقع. ويتبقى هنا أن نشير إلى نقطة هامة جدا قبل الختام ألا وهي: ضرورة اتباع المواصفات العامة لجودة مفردة الاختبار (المتن والأختيارات معا) وإلا ما عاد الاختبار له قيمة فعلية.
وإذا ما نظرنا إلى الجزء النظري السابق ومعذرة على المطلحات التربوية الجافة والسرد المنهجي وتوجهنا بالتحليل لما حدث في الواقع سواء أثناء الامتحانات أو عقب ظهور النتائج لأدرك الكثير منا لماذا تعالت الاعتراضات والصيحات على ما حدث بعيداً عن المصفقين على طول الخط وبين حديث البعض كولي أمر مهتم وبين معلم وبين باحث متخصص نجد بعض التساؤلات التي تجعل بعد الإجابة عنها نقييم الامتحانات التي تمت:
- هل بالفعل جاءت الاختبارات لتقيس ما صممت له؟
- هل كانت الاختبارات بالفعل وفق مواصفات الورقة الامتحانية المعلنة؟
- هل كانت صياغة الجواب الصحيح بدقة بحيث لا يثور جدل بشأن كونه البديل الصحيح أو الأكثر دقة أو أفضل البدائل؟
- هل كانت الأجواء التي تمت من خلالها الاختبارات تحقق المساواة لكل الطلاب؟
- هل كانت النتائج دالة فعلية على ما يستحقه الطلاب؟
- هل يمكن لكل طالب أو المعلم أن يقوم بوضع خطة علاجية لنقاط الضعف لدى الطلاب؟
- هل على الصعيد التربوي …القيمي أفادت هذه الاختبارات طلابنا؟
وأسئلة أخرى كثيرة ولكن السؤال الذي أتوقف تماماً أمامه وبعمق كولي أمر وليس كمسئول فقط هو كيف تأثرت أخلاق أبنائنا الطلاب بهذه الاختبارات وبطريقتها التي تمت والقيمة المضافة التي عادت عليهم وعلينا والتي ستعود على الوطن فيما بعد!.
سؤال يحتاج وحده وحده إلى كتابات كثيرة وأيضاً إصلاحات شديدة وسريعة في رأي الشخصي.
محمد مصطفى محمد الجيزاوي
استشاري الادارة العامة للتعليم