بقلم د. عاصم عبد المنعم احمد محمد
أستاذ مساعد – المعمل المركزى للمناخ الزراعى – مركز البحوث الزراعية
تُنتج النفايات البلاستيكية للمحيطات العالمية من المواد التى تم إدخالها فى القرن العشرين لتقديم فوائد واسعة النطاق بتكلفة منخفضة. ومع دخول عصر البلاستيك زادت المنتجات المعبأة بالمواد البلاستيكية والمستخدمة لفترة قصيرة (أيام أو أسابيع) ثم التخلص من هذه العبوات، وكانت النتيجة زيادة هائلة فى النفايات البلاستيكية والتى بدورها تَتَسرب إلى البيئة بما في ذلك المحيطات. فالنفايات البلاستيكية لها مجموعة من الآثار السلبية بدأ التَعرف على بعضها وفهمها فى الآونةِ الأخيرة على مدار العقد الماضى.
كشفت الأبحاث حول تَلوث المحيطات بالبلاستيك أن النفايات البلاستيكية موجودة فى كل الموائل البحرية تقريباً من سطح المحيط إلى أعماق البحار إلى منطقة المياه الوسطى الشاسعة بالمحيطات فضلاً عن البحيرات العظمى بقارة أمريكا الشمالية.
التطور العالمى للبلاستيك
منذ اختراع البلاستيك فى القرن العشرين ازداد إنتاج واستخدام البلاستيك ومن ثم إزداد حجم النفايات البلاستيكية الناتجة بشكلٍ سريع. وعلى الرغم من الإرادة السياسية والمُجتمعية المُتزايدة للتخفيف من النفايات البلاستيكية وتَقليل استهلاك الوقود الأحفورى إلا انه من المُتَوقع لصناعة البلاستيك نمواً مُستمراً وغير مُقيد فى جانب الطلب والإنتاج على البلاستيك على مدى العقود العديدة القادمة.
إزداد حجم الإنتاج العالمى السنوى من البلاستيك من نحو 2 مليون طن مترى فى عام 1950 إلى نحو 381 مليون طن مترى فى عام 2015، ومن المُتوقع أن تَستمر فى الزيادة لتَصل الى ما يقرب من 800 مليون طن مترى فى عام 2030 ونحو 1500 مليون طن مترى فى عام 2050.
تُعتبر الولايات المتحدة هى المُساهم الرئيسى فى النفايات البلاستيكية العالمية لعام 2016 حيث أنتَجت ما يُقدَّر بـنحو 42 مليون طن مترى من النفايات البلاستيكية، تليها الاتحاد الأوروبى (28 دولة) كثانى أكبر مُنتج للنفايات البلاستيكية بنحو 30 مليون طن مترى، ثم الهند بنحو 26 مليون طن مترى فى حين تَأتى دولة الصين رابعاً حيث أنتجت نحو 22 مليون طن مترى، وتأتى جُمهورية مِصر العربية فى المرتبة الخامسة عشر دولياً فى انتاج النفايات البلاستيكية العالمية بنحو 3 مليون طن مترى.
جاءَ نصيب الفرد من إنتاج النفايات البلاستيكية (كجم/ سنة) فى الولايات المتحدة الأمريكية فى المرتبة الأولى أيضاً حيث بَلغَ نحو 130 كجم، بينما احتلت المملكة المتحدة المرتبة الثانية بنحو 99 كجم، وجاءَ نصيب الفرد من إنتاج النفايات البلاستيكية بدولة كوريا الديموقراطية (الجنوبية) فى المرتبة الثالثة بنحو 88 كجم، بينما بلغَ نصيب الفرد السنوى من إنتاج النفايات البلاستيكية فى جمهورية مصر العربيىة نحو 32 كجم.
تأثيرات مرض كوفيد-19 على استخدام البلاستيك
سلطت جائحة كوفيد 19 الضوء على الأهمية والاعتماد الكبيران على البلاستيك أحادى الاستخدام فى المجال الطبى فقد أدى الوباء إلى زيادة مُفرطة فى استخدام البلاستيك خاصةً البلاستيك الذى يُستخدم لمرة واحدة. يَرجع هذا فى جزء كبير منه إلى الطلب غير المسبوق على معدات الحماية الشخصية (PPE) لكل من العاملين فى مجال الرعاية الصحية والمواطن العادى والواقيات البلاستيكية والمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد مثل بلاستيك الشحن والأكياس البلاستيكية وأطباق تناول الطعام فى المطاعم والمنازل.
طرق وصول البلاستيك إلى المحيطات
يتم تصنيف مسارات وصول البلاستيك إلى المحيطات على نطاق واسع على أنها محمولة بالمياه ومحمولة جواً وترسباً مباشراً للنفايات البلاستيكية فى المحيط.
هناك مسارات عديدة لوصول البلاستيك إلى المحيطات منها على سبيل المثال المدن والمناطق الساحلية وتَدفقات مياه الأمطار الداخلية ومخلفات مياه الصرف الصحى المعالجة والمُخلَّفات المباشرة من القوارب والسفن ونفايات الشواطئ والسواحل والنقل من المناطق الداخلية عن طريق الأنهار والبحيرات.
النفايات البلاستيكة وطرق إدارتها
يَتَدفق إلى المحيطات ما يُقدر بنحو 8 ملايين طن مترى من النفايات البلاستيكية كل عام، وهو ما يُعادل إلقاء شاحنة قمامة من النفايات البلاستيكية فى المحيط كل دقيقة. وإذا استَمرت المُمارسات الحالية كما هى فإن كمية البلاستيك التى يتم تَصريفها فى المحيط يمكن أن تَصل إلى 53 مليون طن مترى سنوياً بحلول عام 2030، أى ما يَقرب من نصف الوزن الإجمالى للأسماك التى يتم صيدها من المحيطات سنوياً.
توصل العلماء إلى تأثيران هامان للنفايات البلاستيكية على الحياةِ البحرية والمياه العذبة: فهناك التشابك مع النفايات البلاستيكية وابتلاع وتصريف النفايات البلاستيكية.
وتوصلت دراسة لكان وفان فرنكر عام 2020 عن دراسة حالات التشابك أو الابتلاع فى 747 دراسة للكائنات الحية البحرية لنحو 914 نوعاً إلى أن 701 نوعاً تعرضت للابتلاع (بلع المخلفات البلاستيكية) و 354 نوعاً تعرضت للتشابك (تشابك أو تَعَلَّقَ الكائنات البحرية بالمخلفات البلاستيكية).
لا يُوجد حل واحد للحد من تدفق النفايات البلاستيكية إلى المحيط، فهناك مجموعة من الإجراءات فى كل مرحلة من مراحل المسار من المصدر إلى المحيط يُمكنها تَقليل النفايات البلاستيكية وتُحقق فوائد بيئية واجتماعية موازية، فاتخاذ إجراءات منهجية عبر دورة حياة البلاستيك أمراً ضرورياً لتجنب عدم التوافق الحالى بين كيفية إنتاج المنتجات البلاستيكية وأنظمة النفايات والإدارة التى تَسعى إلى التحكم فى النفايات التى تنتجها أو الحد منها. فإجراءات الحد من النفايات البلاستيكية الى المحيطات فى كل مرحلة لها فعالية وتكاليف مُختلفة ولكن يمكن أن تُشكل معاً استراتيجية إقليمية أو وطنية أو عالمية لإدارة النفايات البلاستيكية فى المحيطات والبيئة.
المراجع
- National Academies of Sciences, Engineering, and Medicine 2022. Reckoning with the U.S. Role in Global Ocean Plastic Waste. Washington, DC: The National Academies Press. https://doi.org/10.17226/2613
- Kühn, S., and J. A. van Franeker. 2020. “Quantitative overview of marine debris ingested by marine megafauna.” Mar Pollut Bull 151:110858. doi: 10.1016/j.marpolbul. 2019.110858.