الأمـــال الكــبرى لإنقاذ العـالم

بقلم د. محمد محسن

تتجه أنظار العالم إلى شرم الشيخ بمصر ، التى تفتح ذراعيها للعالم لإستضافة مؤتمر أطراف إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27)  ، فى ظل ظروف حرجة من نزاعات سياسية و تحديات إقتصادية و نقص شديد فى الطاقة، لم يتبقى سوى أيام معدودة على الحدث العالمي الكبير لإنقاذ كوكبنا من الغرق و الطوفان و جفاف الأنهار و المجاعات و إنهيار إقتصاديات الدول جَراء التلوث الناتج عن الإنبعاثات الكربونية و إرتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بمقدار 1,1 درجة مئويه.[1]

مصر فى هذه القمة تضع العالم المتقدم أمام مسئولياته و تعهداته و إلتزاماته السابقة التى لم تدخل حيز التنفيذ بعد، الأمر الذى قد يهدد كوكبنا بالفناء، ففى عام 2009 تعهدت الدول الصناعية الكبرى بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل التغيرات المناخيه بحلول عام   2020،و لم يتم الوفاء بهذا التعهد حتى يومنا هذا !. تطالب الدول الناميه و فى مقدمتها مصر، الدول المتقدمة بإحترام “تعهد جلاسجو” بمضاعفة تمويل التكيف مع التغيرات المناخية بحلول عام 2025، حتى تتمكن من إتخاذ تدابير وقائية للحد من هذه التغيرات و التى ألقت بظلالها بالفعل على الجميع فى كافة مناحي الحياة.

و في ضوء الإهتمام العالمي بقضايا المناخ و الحفاظ على البيئة و تماشياً مع أهداف التنمية المستدامه، يأتى مؤتمر شرم الشيخ بأهداف رئيسية من خلال إدماج تدابير التصدي للتغيرات المناخية مع خطط التنمية و برامج الإصلاح الإقتصادي بالدول المختلفة ، و يستعرض هذا المقال واحداً من أبرز المخرجات المتوقعة لمؤتمر الأطراف (COP27) [1]  ، إلى جانب خفض الإنبعاثات الكربونية و تدابير التكيف و التخفيف من الاّثار الناجمة عن الأنشطة الصناعية الغير المسئولة كأحد مخرجات “تعهد جلاسجو”[2] ، و هو ما يعرف “بالإقتصاد الدائري”

يتطلع العالم كله الأّن إلى تفعيل ما يعرف بالإقتصاد الدائري و هو ذلك الإقتصاد الذى يسعى إلى معالجة المشكلات من أسبابها الجذرية حيث أنه يقدم فلسفة جديدة في الإقتصاد و هي ” إقتصاد خال من الملوثات و النفايات” و ذلك من خلال البدايه فى وضع ذلك الإعتبارات من مرحلة التصميم بما يعني ديمومة الإستفادة من المواد الخام و المنتجات الأوليه لأطول فترة ممكنه و أن تصبح المكونات الطبيعية فى حالة متجددة ذاتياً ، و ذلك إتساقاً مع أهداف التنمية المستدامه و تطبيق أجندتها 2030.[3]

إن الإقتصاد الدائري يقدم نموذجاً للإنتاج و الإستهلاك أساسه المشاركه و التجديد و إعادة إستخدام و تدوير المواد و الموارد و المخلفات و المنتجات و أشباه المنتجات لأطول مدى زمني ممكن، و أنه بذلك يعيد إكتشاف ماهية المنفعة على البيئة و الإنسان الذى هو سيد مكوناتها.[5] 

لقد أضحى العالم اليوم فى أمس الحاجة للتحول نحو الإقتصاد الدائري نتيجة لزيادة الضغوطات الخارجية على النظم البيئية من زيادة الإحتياج للمواد الخام و تكاثف الملوثات ، مما يؤدى إلى حالة حرجة تتعاظم فى محدودية المعروض من المواد الخام و الموارد و بالتبعية المنتجات. إن محدودية الموارد تزيد من الإعتمادية للدول أى أعتماد دول على موارد دول أخرى مما يخلق كيانات و دول تابعة إقتصادياً و يوسع من دائرة النزاعات ، كما أن إستنزاف الموارد يؤدى إلى تدهور النظام البيئي و زيادة تداعيات التغير المناخي ، و هنا يقدم الإقتصاد الدائري فرص عديدة ، منها تقليل الضغوط و التوتر على النظم البيئية و تأمين الإمدادات و المواد الخام و زيادة التنافسية و تشجيع الإبتكار و تحسين فرص العمل و توفير المنتجات المبتكرة التى من شأنها تحسين جودة الحياة للمستهلك.

و بذلك يكون الإقتصاد الدائري أحد الروافد الضرورية و الحتمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة و لمواكبة التطور العالمي و المشاركة فى مواجهة تداعيات التغير المناخي ، الذى يعد حجر الزوايه لتقويض البقاء المادى لكوكب الأرض.

 المراجع

[1] مؤتمر باريس للمناخ 2015

[2] أجندة التحضيرات لمؤتمر أطراف إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ

[3] مخرجات تعهد جلاسجو 2021

[4] أهداف التنمية المستدامة  2030

[5] IFC Global Manufacturing Conference 2021

 

عن Dr. Maisa Salah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.