هل سيتم الإنتقال من الوعود إلى التنفيذ خلال مؤتمر شرم الشيخ؟

هل سيتم الإنتقال من الوعود إلى التنفيذ خلال مؤتمر شرم الشيخ؟

بقلم د/ عاصم عبد المنعم أحمد                                 

أستاذ مساعد اقتصاديات التغيرات المناخية                                               

  المعمل المركزى للمناخ الزراعى:

          تتمثل أهمية مؤتمر الأطراف بشرم الشيخ بأن دولة كندا تستعد وبعد وقت قصير من مؤتمر الأطراف فى دورة السابعة والعشرين لاستقبال ممثلى العالم فى مونتريال في الفترة من 7 إلى 19 ديسمبر القادم للمشاركة فى مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى فى دورته الخامسة عشر والتى قامت مصر بتنظيمة فى شرم الشيخ أيضاً فى دورته الماضية، حيث ستواصل الدعوة إلى التعاون الدولي بشأن إطار عمل عالمى للتنوع البيولوجى لما بعد عام 2020، إذ تعد حماية الطبيعة ووقف فقدان التنوع البيولوجي حول العالم من أهم أولويات هذه الدورة من مؤتمر الأطراف. كما أن الإجتماع السابع عشر لمجموعة العشرين سيتم عقده فى منتصف هذا الشهر بمدينة بالى وما يترتب عليه من إجتماعات قادة الدول الصناعية الكبرى ومن ثم التطرق إلى قضية التغيرات المناخية وما تم تحقيقه من نتائج فى الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف.

ومما لا شك فيه أن لمصر دوراً كبيراً تلعبه خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف فى دورته السابعة والعشرين بشرم الشيخ، حيث ستتجه كل الأنظار نحو كيف يمكن للدولة أن تكون قدوة يحتذى بها لوضع الأمور في نصابها الصحيح.

وتُمثل مصر نحو 0.6 في المائة فقط من انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى وتحتل المرتبة الثامنة والعشرين فى القائمة العالمية للملوثات، وكما يبدو أن هذه النسبة ضئيلة نسبياً من المنظور العالمى، إلا أنه على الصعيد الإقليمى تُساهم مصر بنسبة 31 فى المائة من إجمالى انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى فى شمال أفريقيا ونحو 13 فى المائة من إجمالى انبعاثات غازات الدفيئة فى القارة الأفريقية بأكملها، وبالتالى تتحمل مصر مسؤولية كبيرة في إنشاء مسار نحو الإنتقال إلى الطاقة الخضراء.

كما وتُعتبر رئاسة مصر لمؤتمر الأطراف مهمة للغاية كدولة متوسطة الدخل وتابعة للقارة الأفريقية والشرق الأوسط تستضيف هذا الحدث، ولهذا قد تكون مصر قادرة على التأثير فى بنود جدول الأعمال وزيادة التركيز على احتياجات أفريقيا المتزايدة لتمويل التكيف والتخفيف.

يتضمن جدول أعمال مؤتمر شرم الشيخ أربعة بنود رئيسية يجب مناقشتها: تمويل المناخ ، التكيف ، الخسائر والأضرار، وزيادة الطموح.

فيما يتعلق بتمويل المناخ هناك حاجة ماسة لضمان وفاء البلدان المتقدمة بإلتزاماتها تجاه البلدان النامية فيما يتعلق بالتعهد بالتمويل البالغ 100 مليار دولار سنوياً كما وعدت فى مؤتمر الأطراف الخامس عشر فى كوبنهاغن فى العام 2009، ومنذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 لا يوجد عام تم فيه تحقيق هدف التمويل البالغ 100 مليار دولار سنوياً، وبلغ أقصى مبلغ مالى تم جمعه كان فى عام 2021 حيث تم جمع 80 مليار دولار من خلال مصادر عامة وخاصة.

ومما لا شك فيه فإنه لا بد من وضع آليه لضمان الوصول إلى هذا الرقم المطروح خاصة فيما نشهده من تأثيرات لا قبل لها لأحداث الطقس المُتطرف فى الكثير من الدول، بالإضافة إلى وجود حاجة ماسة للإتفاق على ترتيبات تمويل المناخ لما بعد عام 2025 والتى من المنتظرأن تكون أكبر بكثير من هذا الرقم والتى قد تصل إلى سبعة أو ثمانية أمثال هذا الرقم، بالإضافة إلى وضع قواعد مناسبة لإنفاذ هذا الالتزام.

فعلى سبيل المثال أودت الفيضانات الكارثية فى باكستان والتي بدأت في يونيو 2022 بحياة 1700 شخص وتدمير 3-6 ملايين ايكر من المحاصيل وقتل أكثر من 750 ألف رأس من الماشية، ولحقت أضرار بنحو 24000 مدرسة وفقدت آلاف الطرق والجسور، كما قُدرت الخسائر الناجمة عن هذه الفيضانات هذا الصيف بأكثر من 40 مليار دولار، وهذا يتجاوز بكثير مبلغ الإغاثة الطارئة البالغ 1.5 مليار دولار الذى تفاوضت عليه باكستان مع صندوق النقد الدولى.

   وفيما يتعلق بالتكيف يركز مؤتمر الأطراف السابع والعشرون جزئياً على حلول التكيف بما فى ذلك استراتيجيات إدارة مخاطر المناخ وبناء المرونة، سيكون هناك تركيز خاص على كيفية توسيع نطاق الحلول المطلوبة لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء ومعالجة ندرة المياه وبناء مدن وبنية تحتية قادرة على التكيف مع تغير المناخ وفيما يتعلق بالمخاطر المُتعلقة بالمناخ ستقدم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية خطة عمل لضمان تغطية كل شخص فى العالم بإنذارات مبكرة خلال السنوات الخمس المقبلة.

ويُعتبر مؤتمر شرم الشيخ هو عنق الزجاج لقضية التغيرات المناخية وللمؤتمرات الأخرى القادمة لأن أحدث العلوم تُظهر أن تغير المناخ يتحرك أسرع بكثير مما نحن عليه مما يدفع النظم البيئية والمجتمعات إلى أقصى حدودها.

نحن بحاجة إلى تكثيف الجهود بشكل عاجل لمساعدة الناس والطبيعة على التكيف مع عالم يزداد احتراراً وتنفيذ الحلول المناخية المطروحة والمتوفرة بالفعل في جميع القطاعات والتى من خلالها يمكن خفض الانبعاثات بنسبة تزيد عن النصف بحلول عام 2030، وهو أمر حيوي إذا أردنا الحد من ظاهرة الإحتباس الحراري والإلتزام باتفاقية باريس عند 1.5 درجة مئوية وتجنب الآثار الأكثر تدميراً على الناس والطبيعة.

يجب على مؤتمر شرم الشيخ أن يرسل رسالة واضحة ومقنعة إلى العالم مفادها أن الوفاء بالعهود والاتفاقيات السابقة بدون تسويف أو تأخير ومنع أزمة المناخ من الخروج عن السيطرة مع الإستجابة الفورية للمجتمعات الأكثر هشاشة والتى تُعانى من الإخفاقات السابقة على مدار أكثر من ثلاثين عام.

المراجع

IPCC, 2021, sixth assessment report, physical science of climate change

Lama El Hatow, Egypt is hosting COP27. What are the expectations?, Atlantic council, November 2022.

عن م. شيماء عشري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.