أم الدنيا….بين التاريخ والحاضر و المستقبل.
بقلم الدكتور مدحت محمد العزب
كاتب مصري
مصر ام الدنيا، ليست مجرد عبارة فخر يرددها المصريون ، أو المتحمسون لمصر،لكنها حقيقة تاريخية ثابتة ،يكاد يجمع عليها كل مؤرخى التاريخ.
فمصر بالفعل اول دولة وجدت فى التاريخ بمفهوم الدولة من حيث الأرض، والنظام ،و الشعب ،فحكومة مصر وشعبها وحدودها الجغرافية والإدارية ثابتة، موجودة، شاهد عليها التاريخ ،منذ توحيد مينا للقطرين الشمالى والجنوبى منذ اكثر من ٣٢٠٠ عام قبل الميلاد ،وقد أكد واعتمد ذلك المؤرخ الشهير ويل ديورانت فى موسوعته ” قصة الحضارة “،وكذلك أكده المؤرخ ميناتون، الذى أرخ لمصر الفرعونية ،منذ توحيد القطرين بمصر للأسر الثلاثين
ومصر ليست هبة النيل فقط أو حصريا كما وصفها المؤرخ اليوناني هيرودوت ،فالنيل يمر عبر دول عدة ،لم تكن لها الوجود الحضارى المصرى عبر مراحل التاريخ المختلفة ،منذ فجر التاريخ والى الآن،ابتداء من الدولة الفرعونية أو المصرية القديمة ،و مرورا بالحضارة القبطية والرومانية و الاسلامية.
إن مصر هبة الله سبحانه وتعالى اولا ،ثم ارادة و شخصية وتحد الانسان المصرى الأصيل، فلم تكن مصادفة ان يذكر الله سبحانه وتعالى بلدا بالاسم تصريحا او تلميحا او إشارة مثلما ذكر القرآن الكريم مصر.
ويكفى فخرا وشرفا وعهدا من الله سبحانه لمصر بالامن والأمان قوله تعالى: ( ادخلوا مصر ان شاءالله آمنين) يوسف الآية ٩٩.
وقوله تعالى على لسان فرعون : ( أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى) الزخرف الآية ٥١..
أما تلميحا او إشارة، فقد قال ابن عباس رضى الله عنه: ان مصر ذكرت فى القرآن الكريم فى عشرة مواضع وسميت بالأرض او المدينة وخاصة فى سورة يوسف ،والسور التى تناولت قصة موسى عليه السلام مع فرعون مصر ،وقيل بل ١٢ مرة. .
ويقول الكندى عن قوله تعالى: ( كم تركوا من جنات وعيون ،وزروع ومقام كريم ) الدخان الآيتين٢٥،٢٦، لا يعلم بلد من اقطار الأرض أثنى عليها الله فى كتابه العزيز بمثل هذا الثناء ،ولا وصفه بمثل هذا الوصف ،وشهد له بالمقام الكريم غير مصر.
ويقول الكندى كذلك عن قوله تعالى فى قصة يوسف عليه السلام : ( وقد احسن بى إذ اخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو) يوسف الآية ١٠٠، فجعل الشام بدوا ،ووصف مصر بالمدينة دليل المدنية والحضارة. .
ودخل مصر وعاش بها من الانبياء عليهم السلام ،نحو ٣٠ نبيا ،منهم ابراهيم ،واسماعيل ،وادريس ،وعيسى ،عليهم السلام ،وولد فيها موسى وهارون ،وعاش فيها يعقوب ،و يوسف ،والاسباط الاثنا عشر ،عليهم السلام. .
وقال عمرو بن العاص رضى الله عنه عن مصر : ولاية مصر تعدل الخلافة بأسرها.
وساهمت مصر بفاعلية واضحة واقتدار فى اثراء الحضارة الانسانية عبر التاريخ بمراحله المختلفة ،الفرعونية القديمة ،و القبطية والرومانية ،و الحضارة الاسلامية، وما زالت تشع منارات الحضارة والفكر والتنوير فى كافة المجالات. . .
فقد انجبت مصر،الليث بن سعد الفقيه الامام،أحد أئمة الفقه التسعة ،والشيخ العالم الموسوعى جلال الدين السيوطي، و فى العصر الحديث ،مصر، طه حسين و العقاد و نجيب محفوظ، مصر، ام كلثوم و محمد عبد الوهاب، مصر الزعماء الخالدين ،جمال عبد الناصر، السادات ،الرئيس السيسى.
هذه مصر التاريخ ،الحضارة ،ام الدنيا ،هبة الله ثم المصريين، و كسنة الله فى كونه ،و سيرورة التاريخ والأحوال، مرت مصر عبر تاريخها العريق بالكثير من الازمات والمحن و الشدائد، لكنها تثبت كل مرة اصالتها و صمودها و تحديها ،وتخرج من كل محنة اكثر قوة و شموخا وعزة و تقدما.
وتشهد مصر الان فى واقعها المعاصر ،وتحت القيادة الرشيدة الطموحة للرئيس السيسى ،نهضة كبرى عملاقة طموحة فى كافة المجالات: الاقتصادية بالمشروعات العملاقة الطموحة الغير مسبوقة فى تاريخ مصر كله ،و الاجتماعية و كافة الاصعدة والمجالات .
وتأتي هذه النهضة الكبرى بعد محنة التغييرات السياسية التى شهدتها مصر بداية من عام ٢٠١١ م.وما تبعها من هزات اقتصادية وأمنية وسياسية ،الا ان مصر و كعادتها دوما و بفضل حكمة قيادتها السياسية ،و ارادة و صمود و نضال شعبها ،قادرة ان تكون دوما ..بلد الأمن والأمان والنهضة والحضارة.