لماذا نستنزف طاقتنا في الأمر التافه ؟ لماذا نقلق ونتوتر ؟
إن فن اللامبالاة لا يعني أبداً عدم الاهتمام بكل شئ ، أو عدم الاكتراث بكل شيء ، ولا يعني أيضاً تحرير الإنسان من كل قلق وتوتر ، هذا غير صحيح بالمرة .
الإنسان بالأصل مخلوق بصفات التوتر والقلق ، وهاتان الصفتان وغيرهما يجعلانه دائماً في حالة صراع ، ولولا هذا الصراع الناجم من القلق والتوتر ، لما حدث إعمار مستمر ، وتطوير مستمر ، وبناء مستمر للمستقبل ، على كافة المستويات الشخصية أو العامة ، فالقلق والتوتر وقود الصراع الذي يُنتج بالضرورة نجاحات فردية أو جماعية .
لكن كيف نقلق ؟ وكيف نتوتر ؟ وعلى ماذا ؟ هذا هو بيت القصيد .
هذا القلق والتوتر المجنون الذي يحدث وقت مشاهدة مباراة لفريقك المُفضل ، أو مشاهدتك لفيلم تخشى فيه من نهاية معينة ، أو حتى القلق والتوتر الذي يُصيبك من تعليق أحدهم على أحد منشوراتك في مواقع التواصل الاجتماعي ، ما الداعي له ؟ وبهذا الحجم ؟ ما الداعي لاستنزاف طاقتك في أمور كهذه ؟ ما الداعي لأن تهتم برأي الآخرين حَد التوتر والقلق في اختيارك مثلاً لتسريحة شعرك ؟ أو ألوان ملابسك ؟ ما كل هذا الاستنزاف غير المبرر لأعصابك ؟! وما الذي تركته إذاً من طاقتك للأمور الهامة ؟!
هذا الصديق الذي تتحسب تعليقه حد التوتر والقلق ، لماذا لا تحذفه من قائمة أصدقائك طالما أنه ليس صديقاً أو قريباً في الواقع ؟ ثم هذا الصديق إذا اكتشف يوماً أنه لم يعد في قائمة أصدقائك ، فلماذا يتوتر ويقلق هو الآخر ؟!
كل هذا كان على سبيل المثال ، أمور تافهة تستنزف الطاقة التي تقوم بتوجيهها في غير محلها ، ثم لا تجد ما يُعينك من طاقة على الأمور الهامة والأولويات ، فتسقط في فخ التوتر والقلق أكثر فأكثر ، وتُعيد هذه الدائرة الجحيمية نفسها لتقتل قدرتك على فعل أي شئ .
إحتفظ بطاقتك قبل أن يأكل التوتر غير المُبرر في جسدك .
كتب : د. محمد فاروق
ماچستير إدارة أعمال
المدير الإقليمي لوكيل شركة Canon العالمية عن المملكة العربية السعودية
٢٥ عاماً من القيادة لأقسام الشركة الإدارية والفنية والتسويقية .