النانوتكنولوجى .. عصر جديد فى المجال الزراعى

النانوتكنولوجى .. عصر جديد فى المجال الزراعى ماذا تعني عبارة «نانو تكنولوجي»؟ وما هو هذا العلم الذي يتوقّع له أن يغزو العالم بتطبيقاته التي قاربت الخيال؟

يشتق مصطلح «نانو تكنولوجي» من النانومتر، وهو مقياس مقداره واحد من ألف من مليون من المتر، أي واحد على بليون من المتر، أو واحد من مليون من المليمتر. ويمثّل ذلك واحداً على ثمانين ألفاً من قطر شعرة واحدة. ونانو تعني باليونانية قزم و«نانو تكنولوجي» هو المقياس الذي يستخدمه العلماء عند قياس الذرة والالكترونيات التي تدور حول نواة الذرة وما إلى ذلك.

في عام ١٩٨٦، وضع عالم الرياضيات الأميركي أريك دريكسلر، المؤسّس الفعلي لهذا العلم، كتاباً اسمه «محرّكات التكوين»، بسّط فيه الأفكار الأساسية لعلم «نانو تكنولوجي». وعرض فيه أيضاً المخاطر الكبرى المرافقة له.

تتمثّل الفكرة الأساسية في الكتاب بأن الكون كلّه مكوّن من ذرّات وجزيئات، وأن لابد من نشوء تكنولوجيا للسيطرة على هذه المكوّنات الأساسية. وإذا عرفنا تركيب المواد، يمكن صناعة أي مادة، أو أي شيء، بواسطة وصف «مكوّناتها الذرية ورصّها الواحدة إلى جانب الأخرى.

إن في كل صناعة «نانو تكنولوجي»، هناك ضرورة للسيطرة على الذرة الواحدة والجزيء الواحد، وذلك من خلال الراصف الذي هو عبارة عن إنسان آلي متناهي الصغر، لا يرى بالعين المجرّدة، ولا يزيد حجمه عن حجم الڤيروس أو البكتيريا. ويملك الراصف «أيدي» تمكّنه من الإمساك بالذرة أو الجزيء، مما يعطيه القدرة على تفكيك أي مادة إلى مكوّناتها الذرية الأصغر. ومثل كل روبوت، فإنه مزوّد بعقل إلكتروني أي كومبيوتر، يدير كل أعماله. ويتحكّم البشر بالرواصف عن طريق الكومبيوترات. ويمكن تخيّل راصف طبّي بحجم الڤيروس مٌبرمجاًً لملاحقة البكتيريا التي تسبّب أمراضاً في الإنسان. ويمكن حقن مجموعة من تلك الرواصف، في دم مريض مهدّد بالتهاب عجز الطب عن علاجه، حيث تلاحق البكتيريا وتمزّقها.

ويمكن لهذه الرواصف أن تُبرمج، لتمسك بذرات معدنية لصنع مركبات فضاء بحجم الظفر. تلك المركبات مزوّدة بكومبيوترات وأجهزة اتصال مع الأرض، ولأنها مركبات فائقة الصغر، يمكن أن تستعمل أي مصدر للطاقة في الفضاء الخارجي، مثل الضوء أو حتى الذبذبات الصوتية، للانطلاق إلى مجرّات لا يحلم الإنسان بالوصول إليها.

لقد تنبّأ العلماء بمستقبل واعد لهذه التقنية، التي بدأت بشكل حقيقي عام ١٩٩٠، والتي باتت الدول الصناعية تضخ الملايين من الدولارات من أجل تطويرها، وقد وصل تمويل اليابان لدعم بحوث «الناتو تكنولوجي» لهذا العام إلى بليون دولار، أما في الولايات المتحدة فهناك ٤٠٠٠٠ عالم أميركي لديهم المقدرة على العمل في هذا المجال، وتقدّر الميزانية الأميركية المقدّمة لهذا العلم بتريليون دولار حتى عام ٢٠١٥.

وفي مقياس النانو لا تنطبق القواعد العادية للفيزياء والكيمياء على المادة فعلى سبيل المثال: خصائص المواد مثل اللون والقوة والصلابة والتفاعل تتغير وتصبح مواد لها صفات ومميزات جديدة يمكن أن تدخل فى صناعات واستخدامات جديدة لم تكن متوفرة من قبل، حيث إنه يوجد تفاوت كبير بين مقياسNanoscale وبين المقاييس الأخرى فمثلاَ Carbon Nanotubes أقوى 100 مرة من الفولاذ ولكنه أيضاَ أخف بست مرات.

بعض استخدامات وتطبيقات تكنولوجيا النانو:

لا مجال للتردد أن هذه التكنولوجيا قد دخلت بالفعل فى شتى المجالات فهو علم دراسة عناصر جزيئات المادة فالعلماء اكتشفوا أن بعض العناصر يتغير تركيبها عندما نقوم بتجزئتها إلى أجزاء صغيرة جداً جداً, ومتناهية في الصغر وقد نستطيع تغيير تركيبتها الرئيسية والتحكم بها بشكل أكبر.

وبالفعل فإن المركبات النانونيه قد غزت جميع المجالات بصورة كبيرة مثل مجال الصحة، المجال العسكرى، المجال التقنى، المجال الزراعى.

فى دراسة قام بها قام بها الأستاذ الدكتور مجدى فاروق السماحى (أستاذ النانوتكنولوجى ووقاية النبات بمركز البحوث الزراعية) أوضح فيها أن استخدام بعض المواد المحضرة فى صورة النانو لها تأثير فعال على حشرة التوتا التى تصيب محصول الطماطم والعديد من المحاصيل الأخرى، حيث أن هذه الحشرة قد أظهرت مقاومة عالية لجميع المبيدات الموجودة فى الأسواق ولكن عند استخدام المستحضر المحتوى على السيليكا فى صورة النانو أدى ذلك إلى خفض كبير فى نسبة الإصابة بالحشرة تتراوح ما بين 90-95٪ عند تركيز 300 جزء فى المليون بالإضافة إلى ارتفاع جودة المحصول بالمقارنة بالمعاملات الأخرى.

وقد أجرى السماحى وزملائه بمركز البحوث وجامعة كفر الشيخ وطنطا العديد من الأبحاث على استخدام السيليكا النانومترية فى خفض التعداد لحشرات دودة ورق القطن، من اللوبيا، صانعة أنفاق أوراق الفول البلدى، خنفساء البنجر السلحفائية، ذبابة أوراق البنجر على محاصيل: فول الصويا، الفول البلدى ومحصول بنجر السكر وعلى حشرة الدروسفيلا، علاوة على العنكبوت الأحمر سواء فى المعمل أو الحقل وبعض حشرات الحبوب المخزونة. أثناء الدراسة رعى الباحث تجنب الآثار السلبية التى قد تنتج عن استخدام المواد النانومترية عن طريق الوصول لتركيز فعال على الآفة المستهدفة دون حدوث طفرات للمحصول أو ظهور سلالات مقاومة من الآفات أو تلوث للبيئة المحيطة.

ومن أبحاث السماحى ما نشر فى المؤتمر الدولى لكلية الزراعة بجامعة اسكندرية (فبراير 2017) حيث قام بتحضير السيليكا النانومترية من قشرة حبوب الأرز واستخدامها فى مكافحة دودة ورق القطن على محصول فول الصويا وقد أظهرت النتائج إمكانية استخدام السيليكا النانومترية فى مكافحة الحشرة محل الدراسة.

ولذا فإنه من المتوقع خلال العقود القادمة أن تغزو المركبات النانونيه جميع المجالات بصورة كبيرة، وبخاصة شتى المجالات الزراعية والتى منها المبيدات والأسمدة حيث يمكن تخفيض كميات المبيدات المستخدمة فى مكافحة الآفات المختلفة وزيادة فعاليتها مما يؤدى ذلك بدوره إلى تقليل الأضرار على الصحة العامة والبيئة.

وما يجدر الإشارة اليه أن الدكتور مجدى السماحى من الباحثين المتميزين فى مجال النانوتكنولوجى فى مصر والعالم وهو ابن محافظة كفر الشيخ وينتمى لمعهد بحوث وقاية النباتات بمحطة البحوث الزراعية بسخا، وقد حصل على العديد من جوائز التميز العلمي في مجال النانوتكنولوجي ومحكم بالعديد من الدوريات العلمية المحلية والعالمية.

  1. الأستاذ الدكتور/ مجدى فاروق السماحى
  2. أستاذ النانوتكنولجى ووقاية النبات– مركز البحوث الزراعية 

 

عن هاني سلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.