دكتورة / راندا شاهين
عاشت الأمم فترات عديدة من تاريخها بين الرخاء والشدة؛والمتأمل فيما يحدث هذه الآونة في العالم كله،يجد أن تحليل المشهد يتطلب عمقاً في التفكير،للتعرف على أسباب الأزمة الأقتصادية العالمية،والأمر واضح رؤى العين حتى أن رجل الشارع البسيط يلمس هذه الأزمة المتمثلة في ارتفاع الأسعار لكل البضائع،وخصوصاً الارتفاع المبالغ فيه للبضائع المستوردة. والارتفاع الجنوني غير المبرر للمأكولات والدواجن والخضر والفاكهة وخاصة المحلية،ونلاحظ أن التضخم الاقتصادي في السوق المصرية شمل مجالات الحياة المتعددة(السوق العقارية-سوق السيارات – سوق الذهب-…..).
*تتلخص المشكلة في مصر في عدم قدرتها على الاكتفاء الذاتي لما تحتاجه من الطعام والمعدات المختلفة اللازمة،ويمكن أن نشير إلى بعض الأسباب منها:
الأزمة الاقتصادية العالمية والتي بدأت منذ تفشي جائحة كورونا،والتأثيرات المختلفة التي خلفتها على الشعوب والدول،وحيث أن العالم كأنه يخوض حرباً فعلية مع فيروس كورونا، ووقع الناس في حروب نفسية، ما بين اتهامات بحرب بيولوجية واعتباره فيروساً مخلقاً،وما تروج له وسائل الإعلام عن كونه سلاحاً لخدمة أغراض أقتصادية أو دولية، ولكن في مجمل الأمر أثر هذا على اتصاد العالم كله، وبالأخص على اقتصاد الدول محدودة الدخل،وكان لمصر نهج متميز اشتمل على كل الاجراءات التي تهدف إلى التقليل من الخسائر (تقنية أو اجتماعية أو اقتصادية) على مستوى التخطيط والتنفيذ والإشراف.
آثار الحب الروسية الأوكرانية؛قبل نشوب الحرب الروسية الأوكرانية فقد عانى العالم رغم عودة الحياة لما يشبه طبيعتها في أعقاب انتشار جائحة كورونا، من ارتفاع في معدلات التضخم وتفاقم ما سمي بأزمة سلاسل التوريد التي تركت آثارها في شكل نقص حاد في المعروض للعديد من السلع،هذا بالإضافة إلى زيادة التكاليف اللوجستية وإذا بصدمة الحرب الروسية الأوكرانية تأتي بين دولتيين هما الأكبر في المساحة على مستوى القارة الأوروبية وتتمتعان بمكانة استراتيجية مهمة على مستوى العالم في انتاج الموارد الطبيعية والطاقة والغذاء،لتتفاقم الأزمة لأضعاف ما كانت عليه قبل اشتعال الأوضاع،وكانت أهم تداعيات هذه الحرب ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المعروض منه،لتتفاجأ دول تعتمد بشكل أساسي على وارداتها من الدولتين المتحاربتين وفي مقدمة هذه الدول مصر التي تعتمد وارداتها من القمح على ما تستورده من الدولتين بنسبة 50% من روسيا و30% من أوكرانيا، والذي يمثل العنصر الغذائي الأول للشعب المصري بنسبة 80%،لترتفع تكلفة ورادات مصر من القمح بما يزيد على مليار دولار في العام، بما يمثل عبئاً إضافياً على موازنة الدولة المصرية التي لم يكن ذلك هو معاناتها الوحيدة من أثر الحرب،وتأثر سوق المال المصري تأثراً سلبياً لإعتماده على استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، بل وتعد مصر المستورد الأكبر على مستوى العالم، مما نتج عنه ارتفاع أسعار القمح محلياً وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي وارتفاع التضخم، ومن ثم تأثر الاقتصاد المصري بشكل عام.
قيام مصر بدورها الرائد في احتواء واستقبال الشعوب العربية التي لديها أزمات وزيادة أعداد اللاجئين من دول عربية عديدة مثل سوريا والسودان واليمن والعراق…. ادى هذا إلى أرتفاع الأسعار بصورة عامة والتأثير على السوق العقاري بصفة خاصة، وصرح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان في زيارة لإحدى جهات القوات المسلحة قائلاً: مهم تعرفوا عدد الضيوف الموجودين في مصر،لما سألت لقيت عدد الضيوف الموجودين في مصر،لما سألت لقيت العدد مش واضح، مش أذكر الجنسيات لكن عاوزة أقول إن احنا عندنا 9 ملايين ضيف موجودين على أرض مصر، وبالمناسبة كل دولة فيها عدم استقرار واضطرابات، الناس بتخاف وتفزع ويارب ان احنا نكون آمن وأمان لنفسنا ثم لأي حد يلجأ إلينا،ويكون موجود لحين استقرار بلاده.
شكراً لدور مصر الرائد عبر التاريخ، لكل دول العالم العربي وخصوصاً لدول القارة الأفريقية.
*ولكي نستدرج الأمر ونبحث عن حلول لكل ما نمر به من مشكلات علينا؛ بأن نتخذ من المنظومة العسكرية ( الانضباط في صورته الجلية – إنجاز كل ما يسند إليها من مهام وطنية بجودة عالية ) قدوة لكل المؤسسات ، فكل مؤسسة تحتاج إلى قائد أو رئيس أو مدير لديه من القدرات والمهارات ما يؤهله لإتخاذ القرار المناسب في حينه،وأن يعمل على تطوير مؤسسته في ضوء الامكانات المتاحة ،وأن يكون لديه رؤية مستقبلية مبنية على التخطيط الاستراتيجي الجيد،وأن يقوم كل مسئول بالدور المنوط به والتنوع في كل مشروعات التنمية والبحث عن سبل التطوير الاقتصادي في كل المجالات ( الزراعية – الصناعية – التجارية)، ويجب على اجهزة الدولة الرقابية أن تضرب بيد من حديد على كل المتلاعبين في الأسعار وتحد من دور جشع التجار في زيادة الأسعار واحداث التضخم، والقضاء على احتكار السلع.
* وكذلك يجب تحقيق خطط الأكتفاء الذاتي من الحبوب والزيوت والثروة الحيوانية التي تستوعب عشرات الملايين من العمالة، وتحفظ البلاد من الأزمات والتقلبات الاقتصادية وتحافظ على ريادة مصر ومكانتها عبر العصور المختلفة.
والأمل في هذه المرحلة ينعقد على التغيير،ويٌعد التغيير سنة الكون، وقانوناً إلهياً يبعث الأمل في النفوس، فإن نور الصباح يبدد الظلمة، وآمال وطموح الشعب المصري تكمن في التغيير،وسياسة احلال الكوادر البشرية في الوزارات المختلفة، هي السبيل لتخطي الأزمات من خلال تمكين الفكر الواعي والسياسات الرشيدة والخطط الواعية الداعمة لتطوير مؤسسات الدولة،والاستفادة من خبرات الدول التي سبقتنا في مجالات التنمية المختلفة،وأن تعتمد هذه القيادات على فرق عمل ومساعدين لديهم من القدرات المبدعة،ما يمكن به تخطي الأزمات وطرح حلول غير تقليدية لبناء المجتمع.
*إن الأزمة الأقتصادية العالمية الحالية تستطيع مصر المرور منها بأقل الخسائر الممكنة،من خلال السياسات الأقتصادية المتبعة من قبل الدولة في المرحلة الحالية،والتي تسعى إلى أحداث التوازن النسبي بين الضغوطات الأقتصادية ومتطلبات السوق المصري،وفي ضوء معدلات التضخم المرتفعة وتأثيراتها وفي ظل ندرة العملة الأجنبية وسعي الحكومة المصرية لتوفير السيولة اللازمة للمستثمرين ورجال الأعمال لتوفير مستلزمات الانتاج.
*وفي الختام نقول : نعلم أن التحديات عديدة والمشاكل متنوعة،فلتكن كلماتي بمثابة الأمل الذي يضيء الطريق لجيل جديد لديه من الدافعية والإيجابية ما يمكنه من بنء هذا الوطن الكريم، وبالرغم من كل الظروف والأزمات التي تمر بها مصر إلا أنها دولة عظيمة وذات سيادة ولها دور رائد ومؤثر في المنطقة أقليمياً ودولياً، واستقرار وأمن المنطقة كلها قائم على استقرار وأمن مصر، وكم من مؤامرات تدبر ضد مصر، ولكن بحكمة وقيادة رئيسها ودعم القوات المسلحة المصرية تمر وتنزوي وتطوى في تاريخ مصر القوية.
بارك الله في مصر وحفظها قيادة وشعباً وجيشها وحفظ أمنها واستقرارها.
تحيا مصر – تحيا مصر – تحيا مصر