بقلم : أ د. محمد سعد عبد اللطيف
إذا كان المحمول هو من أبرز المخترعات العلمية في العقد الأخير من القرن العشرين، فإنه أيضا من أبرز الابتكارات التي ثار الجدل الصحى حولها نتيجة لما أثبتتة بعض الأبحاث عن أخطاره الصحية المتعددة، ومنها: سرطان الدماغ وفقدان الذاكرة التدريجي، العقم و تشوهات الأجنة وما إلى هنالك من آثار سلبية.. غير أن الموجات القصيرة التي تنبعث من الهواتف النقالة لابد أن تترك أثرا ما. وإلا ماهو سبب سرعة النمو غير الطبيعي لديدان التجربة التي تتعرض للموجات القصيرة؟ وما سر ارتباك وحيرة فئران التجربة التي أخضعت لتأثيرات الموجات القصيرة؟ إن ذلك يجعل الباحث يفكر في أن مستخدم الهاتف النقال سينال قسطا من الضرر وأخيرا وليس آخرا،. ومن أهم تلك الحقائق التي اكتشفها الباحث ديفيد بوميريا وفريقه بجامعة نوتنغهام، بعد أن دأبوا على تعريض بعض الكائنات الدقيقة بشكل مستمر للموجات القصيرة، ومنها الديدان البسيطة التركيب التي يسهل مراقبة تطورها البيولوجي وفهم مايطرأ على تكوينها بسهولة. وقد وجد فريق البحث هذا أن اليرقات التي تم تعريضها لجرعة مستمرة طوال الليل للموجات فوق الصوتية قد نمت بسرعة تزيد ٥٪ على تلك التي لم تتعرض للظروف نفسها، إضافة إلى أن هذه اليرقات كانت أبطأ من غيرها بالتمعج. وربما يدل ذلك التسارع بالنمو إلى تأثير الموجات القصيرة على سرعة انقسام الخلايا، وهكذا فإن فريق البحث بصدد إجراء التجربة نفسها على حيوان ثديي لمعرفة تأثير الموجات القصيرة على انقسام خلاياه، الأمر الذي سيثير المخاوف حول قدرة هذه الموجات القصيرة على سرعة انقسام الخلايا السرطانية. إلا أن قائد فريق البحث يقلل من هذه المخاوف.
ويحاول الدكتور ديفيد بوميريا التوصل إلى معرفة تأثير الموجات القصيرة التركيب الحيوي للديدان
الخيطية، فلديه الآن الدليل القاطع على أن البروتينات تتشكل نتيجة تعريض الخلية للموجات الكهرومغناطيسية والتي تسمى البروتينات الحرارية. ورغم تسميتها بهذا الاسم، فإن سبب تشكلها لايعود فقط إلى الحرارة الناجمة عن الموجات القصيرة التي تكون ضعيفة جدا، بل إن تلك الموجات تعمل على إيجاد ظروف غير عادية لحفز الخلايا على الانقسام. ولقد دعم هذا الاعتقاد ماجاء به فريق بحث آخر بقيادة هنري لاي من جامعة واشنطن في سياتل بأمريكا، الذي ادعى أن فئران التجربة التي تم تعريضها للموجات القصيرة جدا الكهرومغناطيسية تقوم بإنتاج مسكنات آلام طبيعية في أجسامها تدعى إندورفينز، وأنها ربما تكون أكثر صخبا ومرحا تحت تأثير الكحول، كما أنها تستجيب بقوة لتأثير المورفين وأحماض البربيتوريل المسكنة. كما وجد فريق هنري لاي دليلا على أن تعرض الفئران للأشعة الكهرومغناطيسية يؤدي إلى إطلاق العنان لإفراز هرمون الكورتيكوتروبين المسؤول عن التوتر، كما أنها تؤدي إلى جزر ومد في هرمون الإستيلكولين المسؤول عن نقل الإشارات الدماغية الخاصة بالذاكرة أو التنبيه والإشارات الأخرى. ورغم أن هنري لاي متمسك جدا بآرائه حول الآثار السلبية والأضرار التي تترتب على استخدام الهاتف الخليوي مع أن هناك تحذيرات عامة من استخدام الجوال في المناطق التي تستخدم فيها أجهزة الرادار ومراقبة هبوط الطائرات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الطبية. الدماغ.. أيضا ولقد ثارت المخاوف من جديد خلال العام المنصرم حول أثر استخدام الهواتف الخليوية على الدماغ بفضل الحقائق التي كشف عنها جون تاترسال وفريقه في مختبرات البحث والتقييم بوزارة الدفاع الأمريكية في بورتون لاون، عندما قام هذا الفريق بتعريض مقطع من الدماغ للموجات القصيرة جدا لدى فأر التجارب، فوجد أن الإشارات الكهربائية بالدماغ قد تبلدت بعض الشيء وضعفت الاستجابة أو القدرة على الحفز لديه. وهكذا كان وقع النتائج على الناس كبيرا عندما علموا أن استخدام الهاتف النقال قد يؤثر على الدماغ ويشوشه، ما جعل هذه النتائج تبدو كأنها إثبات آخر على الآثار الضارة لاستخدام الهواتف النقالة. إن الأدلة التي تظهر من يوم لآخر حول آثار الهواتف النقالة على الأدمغة متضاربة وغير واضحة. فالجزء المسؤول عن عملية التعلم بالدماغ عند الإنسان يقع في الأعماق الداخلية للدماغ، ما يجعل تأثير الموجات الكهرومغناطيسية عليه قصيرة لبعده عن السطح. كما أن هناك دلائل تم التوصل إليها تفيد بأن الموجات القصيرة جدا قد جعلت الخلايا العصبية في بعض التجارب أكثر قدرة وسرعة على الاستجابة للمتغيرات المرتبطة بالذاكرة. زد على ذلك أن النتائج التي توصل إليها مختبر ما لم يحصل عليها مختبر آخر حاول الوصول إليها، ما يجعل هذه النتائج صعبة التفسير والفهم أو مشكوكا في صحتها أو دقتها. ولأن النتائج التي تم التوصل إليها حتى الآن لاتزال موضع جدل وشك، فإن ذلك يجعل من اعتمادها أو تصديقها أمرا غير مبرر!. فمثلا ادعى ديفيد لاي في عام ١٩٩٥م أن الحمض البروتيني dna قد شهد انقسامات سريعة ومفاجئة عندما تعرض للموجات القصيرة الدقيقة الكهرومغناطيسية، وكانت هذه الانقسامات مشابهة لمايحدث للخلايا السرطانية. عندما تتعرض للأشعة أو المواد الكيماوية القوية المفعول
حذرت طبيبة مصرية من أن الإشعاعات و الموجات الكهرومغناطيسية التي تتعرض لها المرأة عند استخدامها للهاتف النقال.. أو لدى جلوسها لفترات طويلة أمام جهاز الحاسوب؛ تؤثر سلبياً على صحتها و بشكل خاص على خصوبتها و قدرتها على الإنجاب.
وأوضحت الدكتورة منال محيي الدين أستاذة الطب الشرعي والسموم بجامعة القاهرة أن الموجات والإشعاعات التي تخرج من هذه الأجهزة تهدد الجسم مباشرة، و يظهر تأثيرها السلبي على المرأة، و خاصة على قدرتها الإنجابية، بسبب اختلال الهرمونات و اضطرابات الدورة الشهرية، فضلاً عن الشعور الدائم بالصداع و الدوار و الإحساس بالإجهاد و الإرهاق و آلام في العضلات حتى عند قيامها بأقل مجهود.
و ترى في تقريرها ضرورة تفادي أضرار هذه التكنولوجيا التي أصبحت من أبرز معالم العصر الحديث من خلال الحرص في استخدامها على عدم الإكثار مثلاً من الحديث عبر الهاتف النقال مدة طويلة، و عدم وضعه بالقرب من الجسم أو داخل جيوب الملابس، لأن الترددات التي تخرج منه تكون موجهة مباشرة إلى أجزاء و أعضاء الجسم، مؤكدة ضرورة عدم الجلوس أمام شاشة الحاسوب مدة طويلة بشكل متصل و مستمر بل يجب أخذ فترات راحة و القيام من أمام الجهاز مدة عشر دقائق على الأقل، و ذلك بهدف التقليل من أضرار و آثار هذه الموجات على خلايا الجسم و أنسجته.
و من جهته حذر الدكتور أحمد بهاء الدين أستاذ أمراض النساء و التوليد في القاهرة من مخاطر استخدام الهاتف النقال، و قال أجريت مؤخراً العديد من التجارب العملية بالدول الأوروبية لكشف مخاطر النقال على الأجنة، و قد ثبتت خطورة استخدام النساء الحوامل للهاتف النقال على الجنين داخل الرحم بصورة كبيرة حيث تتعرض نسبة كبيرة من الأجنة إلى الوفاة و الآخرون للتشويه بنسبة لا تقل عن 75%، الأمر الذي يمثل خطورة بالغة على حياة الأجنة، بالإضافة إلى أن استخدام النساء الحوامل للهاتف النقال يعرضهن لعدم اكتمال الحمل، و لاسيما خلال الأشهر الأولى.
و ينصح د. أحمد بهاء بالابتعاد عن الهاتف النقال خلال فترة الحمل حماية للجنين.