نعيم :العديد من الأطراف تعد سبباً في حدوث مشكلة وادي غزة وشريكاً مباشراً في الجريمة ولا يمكن لأحد التنصل من مسئولياته. دمج البعد البيئي في الخطط والمشاريع التنموية والاستثمارية شرطا أساسيا لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية الإدارة العامة لحماية البيئة احدي إدارات سلطة جودة البيئة التي تعنى وتهتم بحماية البيئة ومنجزاتها فهي على قدر كبير جدا من الأهمية لما تمثله من محافظة علي البيئة الفلسطينية في ظل الواقع البيئي الأليم الذي يحياه الشعب الفلسطيني في ظل هذا الحصار الظالم والذي طال مجمل النواحي الحياتية بما فيها البيئة الفلسطينية ،،، وللاطلاع علي طبيعة العمل فيها ومهامها واهم منجزاتها كان لنا هذا اللقاء مع مديرها العام م.عوني نعيم
1. ماهو موقع الادارة العامة لحماية البيئه في الهيكل التنظيمي لسلطة جودة البيئه؟
تقع الإدارة العامة لحماية البيئه موقع الام بين الادارات المكونة لسلطة جودة البيئه، حيث أنها تقف على تحقيق روح رسالة سلطة جودة البيئه التي تنص على صيانة البيئه وحمايتها و وقايتها والمحافظة على صحة الإنسان وكبح استنزاف المصادر الطبيعية والتصحر والحيلولة دون تفاقم ظاهرة التلوث وتعزيز الوعي البيئي وضمان تحقيق تنمية بيئية مستدامة، وذلك من خلال وقف التعديات والممارسات المختلفة والضارة بالبيئه والعمل على التأكد من تطبيق القانون وذلك من خلال وضع خطط رقابية متواصلة وكذلك الحد من الآثار السلبية لأي نشاط تنموي على البيئه.
2. ماهي المهام المناطة بالإدارة العامة لحماية البيئه؟
يمكن تلخيص المهام المناطة بالإدارة العامة لحماية البيئه في خمس نقاط رئيسة على النحو التالي:
· وضع وتنفيذ خطط لحماية البيئه ووقف التعديات عليها.
· وضع آلية لتطبيق قانون البيئه والمراقبة و التفتيش البيئي.
· تقييم الدراسات الخاصة بالأثر البيئي للنشاطات التنموية المختلفة.
· متابعة منح الموافقات البيئية للمشاريع التطويرية.
· تنظيم ومتابعة عمل المؤسسات الاهلية العاملة في مجال البيئه.
3. ماهي الدوائر التي تنضوي تحت مظلة الادارة العامة لحماية البيئه؟
تضم الإدارة العامة 7 دوائر لكل منها مهامها: دائرة التراخيص والموافقات البيئية، دائرة التقييم البيئي، دائرة الصحة العامة، دائرة المراقبة والتفتيش ، دائرة النفايات الصلبة والخطرة، دائرة المواد الكيميائية والطوارئ البيئية، دائرة الهواء و الأوزون.
4. في كلمات بسيطة، ماهو وضع البيئه الفلسطينية؟
البيئه الفلسطينية تعاني بصمت في وضع احتضار تحتاج منا ومن جميع المدافعين عن البيئه واصدقائها وقفة جادة ومد يد العون والمساعدة في كل المجالات وعلى كافة الصعد لاجل اعادة انعاشها والحد من تدهورها بالوتيرة المتسارعة. لقد عانت البيئه الفلسطينية بمعناها الشمولي ولفترة طويلة من إهمال وغياب الإدارة الجيدة مما تسبب تدهور حاد في عناصرها من مياه وهواء ورمال وتنوع حيوي ومصادر طبيعية أخرى ، بالاضافة لذلك لا يمكن تجاهل التعديات والممارسات الاسرائيلية الهمجية اللاإنسانية المباشرة وغير المباشرة على البيئه الفلسطينية. ويمكن القول بأن معاناة البيئه الفلسطينية طالت كل شيئ ولم تستثني أي من عناصرها. استنزاف مصادر المياه وتدهور جودتها، واستنزاف المصادر الطبيعية وتدهور الطبيعة والتنوع الحيوي، وتآكل الأراضي، وتلوث الهواء والضوضاء والتلوث البحري وتلوث الشاطئ.
5. ماهي أهم القضايا والتحديات البيئية التي تواجهكم في الادارة العامة لحماية البيئه؟
هناك العديد من القضايا التي تقع في دائرة اهتمام العاملين في الادارة العامة لحماية البيئه: قضايا وطنية رئيسية واخري ذات علاقة مباشرة بالانشطة اليومية للمواطنين. في مقدمة تلك القضايا الوطنية والملحة إعادة تأهيل وادي غزة ومحاولة ارجاعه إلى سابق عهده كمحمية طبيعية وفي أقل وقت ممكن، وقضية أخرى لا تقل عنها أهمية، وهي التعاون مع كافة الجهات المعنية في سبيل حماية وتنظيف الساحل ومياه البحر والبيئه البحرية. هذا بالاضافة إلى مجموعة من القضايا المرتبطة بالممارسات والانشطة اليومية للمواطنيين، ومنها اعطاء الموافقات البيئية للمشاريع والمنشأت ومتابعة شكاوي المواطنيين المتعلقة بالمخالفات ذات الطابع البيئي.
6. من المسئول عن جريمة اسمها تحويل وادي وادي غزة من محمية طبيعية إلى مستنقع ؟ وماهي آثارها الصحية والبيئية؟
طبقا لمخطط الساحل في المخطط الإقليمي 1998 والذي أكد عليه المخطط الإقليمي المعدل 2005 -2020 فإن منطقة وادي غزة مصنفة كمحمية طبيعية يجب الحفاظ عليها وعلى المناطق الأثرية الموجودة بها. إلا أن هذه المحمية الطبيعية الوطنية عانت طويلاً من إهمال بنيتها التحتية مما تسبب في الكثير من المشاكل البيئية.
العديد من الأطراف تعد سبباً في حدوث مشكلة وادي غزة وشريكاً مباشراً في الجريمة ولا يمكن لأحد التنصل من مسئولياته. فالاحتلال بممارساته وعدائه للبيئة واعتداءاته المتكررة وتنكيله بها وتنكره لكل القوانين والمعاهدات الدولية التي تحمي البيئه وقت الحرب والسلم يعتبر فريدا من نوعه في العالم وذلك من حيث أثاره التدميرية للبنية التحتية للبيئة الفلسطينية، فكان له الدور الاساس في تحقق وقائع الجريمة، ولكن هذا الأمر لا يبرئنا نحن الفلسطينيين كأفراد ومؤسسات فبالمساهمة اللامسئولة والتي لا تراعي استدامة عناصر البيئة التي وصلت إلى حد مشاركة الاحتلال والتساوق معه في توسيع الآثار السلبية لجرائمه ضد البيئه الفلسطينية عامة، ومحمية وادي غزة خاصة. إن الوادي تحوّل، ولسنوات طويلة، إلى مَكرهة صحية، حيث تُلقى فيه النفايات الصلبة والسائلة من المنطقة الوسطى في قطاع غزة حيث تحوّل إلى مستنقع لمياه المجاري. وهذا يعود إلى سوء التعامل مع الوادي فلسطينيا سواء بالتعديات من قبل المواطنين على حرم الوادي وردم مجراه أو بتحويله إلى مكب للنفايات ومياه الصرف الصحي من قبل البلديات وأخرين تحت ذريعة عدم وجود بدائل بسبب ضعف الامكانيات، ليصبح وادي غزة من أبرز الأسباب المؤدية إلى الكارثة الحقيقية وهي تلوث مياه البحر وتأثيره المباشر على التنوع الحيوي في البيئة البحرية، وانتشار العديد من الأمراض المعدية، مثل التهاب الكبد، والتهاب السحايا، بسبب المستويات المرتفعة للبكتيريا الغائطية و المكورات السبحية الغائطية. ومن الآثار السلبية لمياه الصرف الصحي الملقاة في الوادي أنها تسببت في حدوث مستنقعات لتصبح موئلاً لتوالد الحشرات المؤذية كالبعوض والذباب وخصوصاً في فترة الصيف التي تعتبر ملائمة لتوالد هذه الحشرات والتي تؤذي سكان المنطقة الوسطى جانبي الوادي، في البريج والنصيرات ووادي غزة والزهراء والمغراقة.
7. ماذا عن دور الادارة العامة لحماية البيئه للتغلب على الآثارالناجمة عن هذه المشكلة؟
أن العمل في وادي غزة يحتاج إلى ‘تعاون مشترك’ من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وعلى رأسها سلطة جودة البيئه وبلديات الوادي ووزارة الحكم المحلي ووزارة الأشغال ووزارة الداخلية، بالاضافة إلى جهود المؤسسات البيئية الفلسطينية والدولية العاملة على الساحة الفلسطينية. وبالفعل وبعد كارثة فيضان الوادي في نهاية ديسمبر من العام الماضي تنادت مؤسسات الحكومة الفلسطينية وعلى رأسها سلطة جودة البيئة ممثلة في الادارة العامة لحماية البيئة بالتعاون مع الادارة العامة للمصادر البيئية للبحث في سبل الحد من تدهور الوضع البيئي لوادي غزة، والانطلاق في برنامج اعادة تأهيل وادي غزة كمحمية طبيعية وطنية، فكانت ورشة العمل التي عقدت في بداية فبراير 2010 لتخرج بتوصيات تشكل في مجموعها خطة عمل مكونة من اثنى عشر نقطة، تبدأ بإجراء تحديد دقيق لحرم الوادي وإزالة كافة التعديات من أي جهة كانت، مروراً بإزالة المكبات العشوائية في مجرى الوادي وإيجاد محطة ترحيل للنفايات الصلبة لاستخدامها عند الحاجة، وايجاد بدائل لوقف ضخ مياه الصرف الصحي في الوادي، والتعاون في مكافحة البعوض باستخدام طرق مناسبة وصديقة للبيئة، وتنتهي الخطة بتنفيذ مشاريع تطويرية مستدامة.
8. ما هي أخر صورة ا لوضع للشاطئ والبيئة البحرية؟
تشكل البيئة الساحلية في قطاع غزة موردا هاماً فيما يخص القيمة الترفيهية و السياحية و كذلك فيما يخص استخدام مياه الشرب من خلال تحلية مياه البحر و مصدراً حيوياً لتغطية حاجة القطاع من الثروة السمكية. و كما هو الحال في كافة القطاعات، لعب الواقع الفلسطيني الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وخاصة ممارسات الاحتلال الصهيوني دورا رئيسيا في التلوث البحري وتدهور منطقة الساحل والبيئة البحرية في قطاع غزة. كما أن ضعف الوعي لدى المواطنين والسلوك غير المسئول من البعض حيال نظافة الشاطئ والبيئة البحرية أدى ولازال إلى تلوث مياه البحر والشاطئ.
الوضع البيئي على امتداد ساحل قطاع غزة ليس أفضل حالاً مما هو عليه الوضع في وادي غزة، وخاصة أن لكارثة وادي غزة مساهمتها السلبية جداً على الشاطئ والبيئة البحرية. وجدير بالذكر أن استمرار ضخ مياه المجاري غير المعالجة يشكل تهديدا خطيراً للثروةالسمكية والتنوع الحيوي في مياه البحر. وبالاضافة إلى تلوث الشاطئ ومياه البحر يومياً باكثر من 100 ألف متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة أو المعالجة جزئيا في عدة بؤر على امتداد الساحل حسب التقديرات الواردة في التقارير الدولية، يعاني شاطئ قطاع غزة من جملة من التعديات كالتخلص من النفايات الصلبة وركام المباني والذي يعد مصدرا جديا للتلوث في المنطقة الساحلية على الشاطئ، وكذلك تعديات تتعلق بتنفيذ العديد من الانشطة دون التنسيق أو الرجوع إلى السلطات المعنية كانشاء المرافئ الصغيرة أو الألسنة داخل مياه البحر. وليس أقل خطراً على البيئة البحرية ذلك التعدي الذي يحتاج تظافر كافة الجهود في العمل على وقفه هو استنزاف الزفزف ورمال الشاطئ وذلك للحد ما أمكن من تأكل الشواطي ومنع تخريب البيئة البحرية.
9. ماذا يمكن للإدارة العامة لحماية البيئه فعله للحد من جملة التعديات على الشاطئ والبيئة البحرية؟
لقد عملت سلطة جودة البيئة ممثلة في الادارة العامة لحماية البيئة جاهدة ومنذ توليها زمام الأمور على علاج دائم ومستمر لهذه المشكلات من خلال المتابعة الدورية للأنشطة البشرية التي يتم إجراءها على الشاطئ والعمل على الحد من التعديات والملوثات للشواطئ والمياه البحرية المجاورة وإصدار البيانات والنشرات والدوريات للعمل على توعية الجمهور والمساهمة في نظافة وحماية الشواطئ.
ولضمان حماية الشاطئ والبيئة البحرية و تنفيذ مشاريع تطويرية لابد من:
– تنفيذ برنامج مسح شامل لكافة الانشطة في مناطق شاطئ قطاع غزة وتقييمها وتصنيفها وفق وضعها ومطابقتها للاشتراطات البيئية والصحية .
– وضع برامج مراقبة دورية لمراقبة نوعية مياه البحر بكتيرولوجياً وكيميائياً وفيزيائياً، وكذلك المراقبة الميدانية الدورية لتحديد التعديات على نفوذ حرم الشاطئ، وخاصة ما يتعلق باستنزاف الرمال وأصداف البحر (الزفزف).
– تنفيذ برنامج إجراءات تخفيفية للحد من التدهور في نفوذ حرم الشاطئ وكذلك البيئة البحرية أو تلك الإجراءات اللازمة لمنع أو إزالة التعديات.
10. كلمة أخيرة
يبقى هذا الامر حبراً على ورق ما لم يتم الايمان بضرورة دمج البعد البيئي في الخطط والمشاريع التنموية والاستثمارية الذي بات شرطا اساسياً لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية، وعلى صناع القرار في النظام السياسي الفلسطيني الوقوف عنذ ذلك والتأكيد على التقيد بسياسة تقييم الأثر البيئي وما يعنيه ذلك من تجنب إحداث أي إخلالات بالبيئة ويسهم في تحسين ظروف العيش وجودة الحياة ، ولا سيما ان المناطق الفلسطينية تعاني من كوارث بيئية ولا يمكنها تحمل ضغوطاً جديدة.