النجم القطبي

Polaris
بقلم : د محمد زكريا توفيق
أهم نجم في السماء، بالرغم من كونه ليس ألمعها. يقع نهاية المغرفة الصغرى في برج الدب الأصغر. ترجع أهمية النجم القطبي، كما يدل اسمه، إلى موقعه الفريد.

المحور الذي تدور حوله الأرض، يشير مباشرة إلى القطب الشمالي. لذلك يظهر لنا النجم القطبي ثابتا في مكانه. لا يتحرك، ليلا أو نهارا، بينما تبدو لنا باقي النجوم كأنها تدور حوله في دوائر كاملة.

هذا بسبب دوران الأرض حول محورها. وبسبب هذه الخاصية الفريدة، اهتدت به البحارة أثناء الليل في البحار، وكذلك القوافل والركبان في الصحاري والقفار.

في عام 320 ق م، تنبه الإغريق إلى أن النجم القطبي، لا يشير إلى القطب الشمالي بالضبط، كما كان الاعتقاد في ذلك الوقت، لكن يحيد عنه قليلا. المعروف الآن أن النجم القطبي يقترب شيئا فشيئا من القطب الشمالي، إلى أن يصبح مطابقا له تماما في الفترة من 2105م إلي 2127م.

في الماضي البعيد، عام 3000 ق م، ، كان نجم الثعبان (Thuban)، في برج التنين (Draco)، ثالث نجم من جهة الذيل، هو النجم القطبي. في المستقبل البعيد، بعد 5000 سنة من الآن، سوف يصبح نجم الذراع اليمنى (Alderamin)، في برج الملتهب (Cepheus)، هو النجم القطبي الجديد.

بعد 7000 سنة من الآن، سوف يصبح نجم الذنب (Deneb)، في برج الدجاجة، هو النجم القطبي الجديد. وبعد 12000 سنة من الآن، يصبح نجم النسر الواقع (Vega) في برج القيثارة (Lyra)، هو النجم القطبي. تغيير حجم الصورة

سوف تأتي فترة زمنية طويلة على سكان الأرض، لا يرون فيها أي نجم قطبي في السماء. كما هو الحال بالنسبة لنصف الكرة الأرضية الجنوبي. فليس بسمائها نجم قطبي يشير إلى القطب الجنوبي.

عرف النجم القطبي في الماضي بأسماء كثير. منها: المرشد، الدفة، السفينة، نجم البحر. كان معروفا في الصين باسم تومو (Tou Mu)، إلهة السماء. البحارة اليونانيون، كانوا يسمونه ذيل الكلب (Polaris Kynosoura). العرب أسموه: القبلة، الجدي، المسمار، القطب الشمالي.

من أساطير الهنود الحمر في القارة الأمريكية، القصة التالية:
كانت هناك خصومات بين رؤساء قبيلة أوماها (Omaha). بينما كان الزعماء في مجلس صلح، لتصفية الأمور فيما بينهم، ترك أحد أبناء الرؤساء قريته وذهب للصيد في الغابة. لكن الإبن ضل طريقه ولم يستطع العودة.

عندما غربت الشمس وأظلمت الدنيا، تملك الإبن الخوف ولم يدر ماذا يفعل. عندما نظر إلى السماء بين الأشجار طالبا العون، وجد نجما ثابتا في مكانه. قال في نفسه، ربما يساعدني هذا النجم في العودة للقرية.

سار الابن في اتجاه النجم الثابت فترة. لكنه رأى في الأفق نارا مشتعلة على بعد مسافة منه. سار الابن في اتجاه النار، معتقدا أنه سوف يجد بجوارها من يستطيع ارشاده إلى الطريق المؤدي للقرية. عندما وصل إليها، وجدها شجرة مشتعلة ليس بجانبها أحد. لكن الغريب في هذه الشجرة، هو أنها لا تحترق بالنار.
تغيير حجم الصورة
عندما تحسسها بيده، وجدها باردة لا تصيبها النار بأذى. تيقن الابن أنه أمام شجرة غير عادية. أخذ يقاربها حتى الصباح. عندما بدأت الشمس في الشروق، رجعت الشجرة إلى حالتها الطبيعية.

تعجب الابن كثيرا من أمر هذه الشجرة. قرر الانتظار ليلة أخرى لمراقبتها. في المساء، بدأت الشجرة تشتعل ثانية، وظل الشاب يراقبها بفضول شديد.

في صباح اليوم التالي، وجد الشاب طريقه بين أشجار الغابة، وعاد سالما إلى قريته وأهله. ذهب إلى والده ليقص عليه أمر هذه الشجرة العجيبة. ذهب الأب وابنه إلى مكان الشجرة، لكي يرى بنفسه هذه الظاهرة العجيبة.

لكنهما في هذه المرة، وجدا أربعة طيور، طيور الرعد، تحمل اللهب بأرجلها، وتأتي لكي تضئ الشجرة وقت الغروب. ثم تغادرها وقت الفجر. لاحظ الأب أيضا، أن كل طائر يأتي من جهة مختلفة، مع رياح العالم الأربعة، لكي توقد الشجرة بالنور. لا يمكن أن تضاء الشجرة إلا بوجود الطيور الأربعة معا. عندما تغادر الطيور الشجرة، تنطفئ الشعلة.

لماذا هذه الشجرة بالذات، لأنها شجرة مباركة، هبة من الروح العظيمة واكندا، الموجودة في كل الأحياء. الروح العظيمة هي التي خلقت الليل والنهار والضياء والحق والعدل. الشجرة المضيئة هي آية الروح العظيمة واكوندا إلى قبائل الهنود الحمر، أوماها المتناحرة كي تتحد. كما أن اتحاد الطيور الأربعة يأتي بالضياء في الليل الحالك، على القبائل أن تتحد وتنبذ الفرقة والعداوة بينها.

حمل الأب رسالة الروح العظيمة، وعاد مع ابنه، لكي يقص أمر الشجرة المباركة على قومه. لكن بدون وعي، ذهب فريق من الشباب إلى الشجرة، ونقلوها وسط احتفال عظيم إلى قريتهم، وجعلوا العناية بها موكولة إلى نفر منهم. وعندما قطعوها لكي يصنعوا منها تمثالا مقدسا، عادت الخلافات والمشاكل بينهم من جديد.

يعتقد العرب، ولهم اساطيرهم أيضا، أن النجم القطبي نجم شرير. لأنه قتل بطل السماء المحارب، ووضعه في التابوت الذي تمثله المغرفة الكبيرة ببرج الدب الأكبر. كل النجوم الأخرى تدور في السماء حزنا على بطلها المقتول.

المغول يرون النجم القطبي “وتد ذهبي”، يربط أجزاء الكون مع بعضها.

النجم القطبي (Polaris)، عملاق أعظم أصفر اللون. أكثر من نجم، يبعد عنا مسافة 434 سنة ضوئية. يقع في برج الدب الأصغر.

عن هاني سلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.