المرأة العربية تتفنن في التكنولوجيا وتساهم في اقتلاع جذور الحكم الفاسد

دور المرأة في الثورات الشعبية الأخيرة‎

كتب رياض معزوزي/الجزائر

إن المتتبع للأحداث الأخيرة التي هزت أركان الأنظمة العربية الديكتاتورية بشمال إفريقيا ودول الخليج سيتأكد أن هناك جملة من العوامل ساهمت بشكل فعال في إحداث الزلزال التغييري في الحكم ،ولعل الجدل المحتدم في الآونة الأخيرة عند مختلف المنظمات الدولية والجمعيات الناشطة في شتى المجالات هو عن دور المرأة العربية في الثورات الشعبية بعد أن كان ينظر إليها من طرف الشعوب الغربية على أنها خاملة ولا تستطيع حتى المطالبة بحقوقها ،وأكدت ثورة تونس وبعدها تباعا ثورات مصر اليمن البحرين وليبيا من أن دور المرأة في الدول العربية والإسلامية لا يقتصر على الطهي والتنظيف وبعض الأعمال الخفيفة بل أصبحت حلقة مهمة في إحداث الديكيليك وكانت رمزا في النضال ضد الفساد السياسي ،الاقتصادي ،الثقافي والاجتماعي.

ساهمت بالتكنلوجيا وكانت رمزا في ميادين التغيير

وقد خرجت المرأة العربية عن المألوف وأصبح نشاطها يلوح سرا وعلنا للعالم ،بل باتت حلقة مهمة في النشاط الافتراضي أو كما يحلو للبعض تسميته بعالم الانترنت ،وتميز نشاطها في وسائل الإعلام الجديد بالرزانة والجدية مع إثراء كل المساهمات الواردة عبر المدونات والمواقع الاجتماعية التي لقبت بسيدة الانتفاضات الشعبية، والزائر إلى مواقع الفايسبوك، التويتر، تيغت وغيرها سيتأكد بأن للمرأة العربية لمستها الساحرة والحاسمة في إبداء الآراء وتنوير الرأي العام وإثراء كل المواضيع الموجهة لمئات الآلاف من الشعوب عبر العالم ،وحتى نداءات الخروج عن دائرة الصمت والانقلاب على الحكومات مؤخرا كانت فيه المرأة أساسا ،اذ في كل صفحة من صفحات المدونات والمواقع الاجتماعية التفاعلية إلا ووجدت أنشطهم من الجنس اللطيف وهذا باعتراف أصحاب الصفحات أنفسهم والمدونين وكذا مالكي مقاهي الأنترنت ،وهذا لا يعني بأن المرأة لا تملك مدونات ولا صفحات على الفايسبوك والتويتر بل هناك العشرات من صفحات هذه المواقع تديرها نساء منهن من نادين بالتغيير،وما زاد من تسهيل المأمورية هو أن الدول التي عرفت انقلابا شعبيا على حكوماتها كانت تتمتع بحرية توصيل الانترنت للاستغلال الفردي في البيت وهو ما كان بمثابة الباب الواسعة لدخول المرأة عالم الافتراض وترسيخ إمضائها على التغيير سيما بتونس ومصر والبحرين عكس اليمن وليبيا اللتين يبقى فيها النشاط الانترناتي للمرأة مقتصرا على مقاهي الانترنت أو أماكن العمل ان كانت متوفرة على الشبكة العنكبوتية العالمية ،ولم يبقى نشاط المرأة في هته المرحلة متوقفا عند السر والتخفي من وراء شاشات الحواسيب والهواتف النقالة والكمرات بل برزت إلى العلن وزاحمت قوافل المحتجين بميادين التغيير والتحرير فكانت، فالملاحظ لتطورات الأحداث بكل البلدان العربية التي شهدت ثورات شعبين فسيتأكد انه أينما ولى وجهه عبر ساحات الغضب الا وكانت صورة المرأة واضحة بالهتافات والصرخات والاعتصام والشجب والتنديد والتعبير بكل حرية عما يحرق الجوارح في ظل القهر والحرمان والتعفن الضارب في أعماق الدولة ولكم في شارع بورقيبة بتونس وساحة التحرير بالقاهرة وساحة اللؤلؤة بالمنامة وساحات التغيير باليمن وبن غازي بليبيا خير صورة للمرأة المناضلة الى آخر لحضة سقوط الأنظمة.

صوت المرأة دوى أعتى الفضائيات وأحدث الزلزال عبر المواقع الإخبارية والوكالات

اعتمدت وسائل الإعلام الحديث والقديم وحتى التقليدي العربي والأجنبي على تصريحات المرأة العربية في مختلف التقارير والنشرات الإخبارية لما له من تأثير على الرأي العام وتحريك مشاعر الشعوب ،وكانت مختلف الكمرات وأقلام الصحفيين والمدونين تتلقف تحركات المرأة داخل ساحات التغيير للاستناد الى تصريحاتها خاصة منهن اللواتي ينشطن إعلاميا أو قانونيا وفي كثير من الأحيان يتم التركيز على الناشطات في الفايسبوك والمدونات الإخبارية ،وحتى مقاطع الفيديو المنشورة على صفحات المواقع الاجتماعية التفاعلية تمثل فيها المرأة النسبة الأكبر بتصريحاتها وصرخاتها في وجه الأنظمة الديكتاتورية فكانت الحلقة التي لا تستطيع وسائل الاعلام الجديدة والقديمة الاستغناء عليها ،هذا من الجانب العامي أما من الجانب الرسمي فان مختلف القنوات الإخبارية اعتمدت على مراسلات بالجملة من ميادين التغيير وأماكن الاحتجاج واستضافت عندها أو اتصلت هاتفيا بأنشط النساء في المجتمع ومن مختلف القطاعات فكانت ناقلا خالصا لتطلعات الشعوب فحللت الوضع وأعطت نظرتها وتطلعاتها وتحليلها لما ينتظر الدول المنتفضة من الجانبين الداخلي والخارجي ،ويكفي أن اول من أذاع خبر هروب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي هي امرأة تعمل مذبعة بقناة الجزيرة في قطر تسمى- ليلى الشيخلي- والتي كانت مقدمة للنشرة التي قرئ فيها بيان تنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة من قلب القصر الرئاسي بمصر الجديدة بالقاهرة ،ولقبت عبر الفايسبوك بمذيعة الأخبار السارة.

الغربيون يصححون مفاهيمهم تجاه المرأة العربية

بعد اتهامات طويلة للمرأة العربية بأنها مغيبة عن العمل السياسي وخاملة ولا تستطيع حتى المطالبة بحقوقها عاد للمرأة العربية وجهها المضئ و صورتها الحقيقية من خلال وجود مشرفوقوي في ثورة التغيير. أدهشت العالم الغربي الذي بدأ يدرس ويبحث عن سر هذا التغير والاندفاع المفاجئ بعد أن كانت المرأة العربية في نظرهم بعيدة عن الاحتجاج والمعارضة في البلاد ولا زالت المرأة تعبر عن رأيها وتناضل بقوة وتسعى للقضاء على الظلم الاجتماعى والفقر ربما لأنها الأكثر تأثراً بهما أو ربما لأنها ارادت أن تساند الرجال يداً بيداً وأن يكون لها دور فاعل ومؤثر بعد تغييب سنوات ، ولعل قضية مشاركة المرأة العربية في الانتفاضات الشعبية لم يقتصر عند الصراخ والهتافات ورفع الشعارات المنددة والمطالبة باسقاط الانظمة العربية بقدر ما كان للطبخ والعلاج والتنظيف والدعاية وغيرها من العمليات التي رافقت الثورة الشعبية ،وقد وجد المتظاهرون النساء على قدم وساق يحضرن الطعام يوم تسجيل شح في الغذاء بعد محاصرة أماكن الاحتجاجات ،وأكد صورة المرأة في الاحتجاجات الأخيرة أنها حرة بحق ترحت مختلف المحطات الاعلامية تبدع في تكريس دراسات حولها ومنذ بداية الهبات الاجتماعية في البلاد العربية برز أكثر من 13 برنامجا يعنى بشؤون المرأة العربية وعن مطالبها خلال الاحتجاجات وأين وصلت تحركان النساء العربيات ومن أبرز البرامج التلفزيونية المذاعة مؤخرا –Head of the revolution– رأس الثورة يقدمه تلفزيون السي آن آن زيادة الى برنامج نون من تلفزرون الآن في دبي زيادة الى عشرات المحطات التي خصصت حيزا لدراسة خروج المرأة العربية في الاحتجاجات الأخيرة.

مصباح منوبية أنجبت التغيير وأسماء محفوظ أفشلت مخطط لتوريث

اسمان تقيلان برزا على الساحة العربية بعد الثورات الشعبية ،ويتعلق الأمر بأم مفجر الثورة التونسية محمد البوعزيزي مصباح منوبية- وقائدة الثورة الشبانية التي انتهت برحيل حسني مبارك وأولاده عن الحكم أسماء محفوظ- وارتأينا في هذا العمل التركيز عن الاسمين لما لهما من دور في قلب الأنظمة ومشاركة المرأة العربية في الانقلابات الأخيرة، فمصباح منوبية التونسية التي أنجبت من رحمها تغيير دولة كاملة بعد اقدام ابنها على احراق روحه لتعيش أرواح في حرية ،أم البوعزيزي قالتها بفخر :-ابني لم يمت …بن علي وعائلته هم الذين ماتوا…- وواصلت المتحدثة تحديها للسلطات القاهرة :-أنا لا أطلب الاعتذار ولا شيء ….أنا أطلب القصاص من رجال الأمن والشرطيتين اللتين صفعتا ابني ….- هذا الحديث يؤكد قوة شخصية المرأة العربية والتحدي في أوقات الشدة من أجل التغيير والعيش في حرية وأمان واعتبرت انجاز ابنها فخرا لكل حامل للقب البوعزيزي رغم حرقة الفراق ،وان كان نشاط الحاجة منوبية كان طبيعيا من خلال انجاب اسم ألقب موازين السلطة في تونس فان الاسم الثاني وهو أسماء محفوظ اتخذت من التيكنلوجيا والاعلام الحديث سبيلا لقلب النظام في مصر واتخذت من الفايسبوك بداية لثورة التغيير وكان أول من نادى بالاقتداء بثورة تونس والخروج عن دائرة الصمت وعلى الرغم من المضايقات المتتالية من طرف المخابرات ورجال الأمن في مصر الا أن أسماء واصلت نشاطها والتف حول صفحتها في الفياسبك عشرات الآلاف من المصريين داخل وخارج الوطن بعنوان التغيير وقالت في احدى مقابلاتها:-…من يتق الله يجعل له مخرجا…وأنا عملت كل هذا من أجل أن تعيش البلاد في أمن وأمان ولأفشل مخطط التورث الذي كان مسطرا….- نشير فقط أن ناشطين في الفايسبوك دعو محفوظ للترشح في الانتخابات المصرية القادمة؟.

اليمنيات البحرينيات والليبيات مازلن في سكة التغيير

اذا كانت المرأة التونسية قد تحررت ووصلت الى أهداف ثورتها بمعية رجال البلد شأنها شأن المرأة المصرية فان النساء بكل من البحرين اليمن وليبيا ما زلن في الطريق وقد يطول هذا الطريق في ظل المعاملة التي تقابل بها الثورة في هذه البلدان العربية ،ومع ذلك يكبر التحدي والرغبة في الوصول ومثيلات نجاح قبلان- – هناء الجلال من بن غازي في ليبيا وكذا فاطمة التيموري- من اليمن و- سلاف ناجل علي من البحرين كثيرات وهن اللواتي تركنا مناصبهن في التعليم والطب والترجمة والانظمام الى قوافل المحتجين المطالبين بالتغير وهن اليوم لا يردن العودة الى الخلف والزحف حتى تتحقق مطالب الثورةوهو تحد قد لا نجده حتى في الدول الغربية التي تنشد الديمقراطية .

العربيات يبحثن الآن جني ثمار الثورة وكسب مكانة أرقى

في التحليل المبدئي لما بعد الثورات الشعبية يتأكد ان للثائرات ضد الأنظمة والمساهمات في التغيير مطالبهن ،وهن يتطلعن أكيد الى غد أفضل شأنهم شأن الرجال ،ومن أكبر التطلعات التي تنشدها النساء الثائرات هو اشراكهن في الحراك السياسي على أكبر نطاق واعطائهن الحرية الأكبر طبعا في حدود مقومات المجتمع وانتمائاته الشرعية والعقائدية مع اخلاص مبدأ الحريات في الصحافة والاعلام ، وإجراءات انتقال السلطة تسير في طريقها لتحقيق نقلة حضارية جديدة سوف تشهدها هذه البلدان في المرحلة المقبلة خصوصا بعد توقف العمل بالدستور وإعداد دستور جديد يواكب متطلبات ثورة الشباب ويحقق طموحاتهنفي الحرية والديمقراطية ومكافحة البطالة ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، واشراك المرأة بدور فعال في تحقيق هذه المتطلبات من خلال مشاركتها في اللجان التي تقوم بهذه المهمة خاصة ممن لهن خبرات وتخصصات واسعة في هذه المجالات فدور المرأة العربية حاضر ولم يغب أبدا عن كل ما يسمو ويرتقي بالمجتمع علي مدي التاريخ ويسهم في تقدمه وازدهاره ،في وقت تنادي فيه جمعيات من أجل عدم نسان الدور الحقيقي للمرأة وهو تربِّية الطفل حتى يصير شابًّا ثم رجلاً، يصنع التغيير، ويشارك في صنع المستقبل القادم وقيادة الوطن، مشيرة الى أنه لا عذر لأية امرأة متخاذلة مع قدرتها على المساهمة في صناعة مستقبل جديد للدولة؛ بإتقانها لدورها المنوط بها، واستغلالها لأوقاتها الكثيرة وحتى العقيد معمر القذافي في أول خطاب له للثوار قالها بصريح العبارة :- ….نقول لنسا يجيو في بيوتهم وريبيو ولادهم ما يخليوهمش يديرو العنف في الشوارع- وهذا ان دل على شيء انما يدل عن دور المرأة الفعال في التغيير.

عن هاني سلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.