الأزمة والحلول المقترحة ( 2 ) النقد بين الإيجابية والسلبية

كتب : الدكتور محمد مصطفى الجيزاوي

النقد سلاح ذو حدين،إما أن يكون وسيلة تقويم وبناء، أو يكون سلاح هدم وتحطيم، ونحن في ذلك بين إفراط وتفريط ، والقليل هم الذي يوفق في إستخدام هذا السلاح بمهارة.

  وما بين البناء والنقد علاقة أبدية جدلية؛و كلاً منهما يتغذى على الآخر بصورة جوهرية. والكثير من الناس –هذا واقع وخاصة من في موقع الإدارة – يرفض النقد؛ لأن لديه نوعاً من الإعجاب بالذات أوالاستبداد بالرأي أو …، وهذا يجعله يستخفّ بما يسمعه من الآخرين على الرغم من أن قبول النقد يمنحنا القوة؛ لأنه يساعدنا على عمل شيء قبل حدوث الانهيار. لأنه بلا شك يفتح طريقاً للكف عن السير في نفق مظلم، قد يودي بنا إلى مهلكة.

وعلى الرغم من صعوبة أن يقبل البعض النقد إلا أن هناك من ينتقد نفسه، وهذا ما يسمى بالنقد الذاتي، يكتشف خطأه بنفسه، ويحاسب نفسه بنفسه، ، ومن ثم الرجوع عن هذا الخطأ، والاعتذار منه، خاصةً إذا كان خطأً معلناً  وهذا دلالة على القدرة على التصحيح. و الإنسان في بعض الأحيان هو الأقدر على ملاحظة نفسه، وربما أمور لا يستطيع الآخرون أن يدركوها وكما يقال: (وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس).

 

ونظراً لما يحيط بنا من ظروف استثنائية والقرارات التي صدرت من قبل السيد الرئيس ودولة رئيس الوزراء لمجابهة انتشار مرض Covid19 فقد قامت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بإتخاذ اجراءات كثيرة أهمها والتي أثارت جدلاً واسعاً :قيام الطلاب من الصف الثالث حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي بعمل بحث أو مشروع أو مشروع بحثي – تعددت المسميات – بديلاً عن الامتحان وتسارعت ردود الفعل ما بين معارض ومنتقد وصل إلى حد الهدم وما بين مؤيد وصل إلى أبعد مدى في المدح ومسميات أخرى ليست موضوعنا الآن.

لكن السؤال الذي يتبادر في أذهان البعض من المتمهلين : هل التزم الجميع بمراعاة مبادئ النقد والتي يمكن تسميتها النقد الايجابي البناء؟ سواء المتفق أو المختلف بدرجاتهم؟.

مبدئياً علينا أن نوضح أهمية النقد الايجابي ( النقد البناء ) مع ملاحظة أن ذلك ليس فقط للناقد بل أيضاً لصانع القرار فكلاهما يجب أن يتفهم النقاط الثلاثة الآتية :

  1. حين نخطط لأمر ما، يجب أن نضع في أذهاننا عدم القدرة على الاحاطة بالاعتبارات التي تجعل

قراراتنا صائبة على نحو قاطع لأن هناك حقائق غائبة – بالفعل حقائق غائبة – وكذلك معلومات

غير متوافرة وبالتالي فعندما نبني خططنا يجب أن يكون في حسابنا أنها أشياء قابلة للمراجعة وأيضاً قابلة للتصحيح والتطوير.

  1. هناك دائمًا فارق عادة بين النظرية والتطبيق، فنحن حين نخطط يتم ذلك في حالة من الحرية التامة أو ما يسمى بالطلاقة الكاملة،لكن خلال التنفيذ، يظهرلدينا القصور أو ما نسميه نقاط الضعف وتظهر لنا الكثيرمن القيود الزمانية والمكانية. والأهم في منطقتنا العربية هو قصور المعلومات وربما الكثير منها مضللة، مما يجعل وجود فجوة بين ما نريده وبين ما نفعله أو نحصل عليه أمرًا متوقعًا.
  2. الأخطاء التي تقع أثناء التطبيق؛وهذه من أكثر العوامل تأثيرًا في ضياع الهدف من الحلول التي تطرح لعلاج الأزمة مما يؤدي إلى تأزم الأوضاع وارتفاع سيل النقد.

 

هذه النقاط الثلاثة في رأي هامة جداً لصانع القرار قبل مقدم النقد له أو المدافع عنه؛لأنها تتيح له أن يتصدر المشهد بمراجعة قرارته وتعديلها لتناسب أرض الواقع فيما يعرف بالتقييم أو النقد الذاتي.

 

وقبل أن نتحدث عن المشروعات البحثية أو البحث أو المشروع ما لها وما عليها ووجهة النظر التي يتبناها كاتب هذا المقال؛يجب أن نذكر كيف يمكن أن يكون النقد إيجابياً في ظل تنامي الهجوم على قرار الوزير والحقيقة أن كثير من الهجوم غير مبرر.

 

كيف يكون النقد إيجابياً؟ أو بلغة أخرى كيف ننقد بغرض البناء والأصلاح؟

 

  1. قبل النقد يجب أن نسأل أنفسنا سؤال هل هذا النقد في محله؟ هل لدى الناقد علم واسع في المسألة المنقودة وهل لديه المعلومات والبيانات اللازمة حتى تقوم بالنقد أما أن النقد مبني على التخمينات أو مجرد وجهة نظر.مع ملاحظة أن هناك فرق جوهري بين وجهة النظر وبين الانتقادالعلمي البناء.
  2. الحرص على سلامة القصد وأن النقد للصالح العام ، بعيدا عن الأهواء ، والانتصار للنفس أو لجماعة ما أو لمجرد مجاراة الأمر الشائع.
  3. محاولة أيجاد نقاط الاتفاق قدر الإمكان، وهذه النقطة مهمة جدا لأن من شأنها أن تجعل المنتقد أكثر موضوعيه وأكثر جدية ويجعل الطرف الآخر ينظر له كشخص صادق في نقده وطرحه لأنه قدم الاتفاق على الاختلاف.
  4. انتقد الفكرة وليس الشخص ،بأن نجعل كل تفكيرنا في الفكرة نفسها وليس في الشخص وعلينا أن نضع في حساباتنا من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف الأخطاء وإبرازها، ولكن من الصعب جداً بمكان إكمال البناء وسد الثغرات.
  5. في كلّ الأحوال كلما كان بالإمكان تقديم حلاًّ أو مقترحاً أو علاجاً فيجب أن يتم الإسراع ويكون النقد مقروناً بما يعين المنقود على التخلّص من السلبيات في قراره أو خطته.

 

  1. النقد ما هو إلا حالة تقويم ، وكلّما كان المنتقد دقيقاً في نقده، دون انحياز ولا تعصب ولا إفراط ولا تجاوز واضعاً نصب عينيه الصالح العام؛سيكون هناك صدى وقبول للنقد.

 

  1. يجب علي المنتقد أولاً توجيه الشكر لمن ينتقد أفكاره أو خططه على مجهوده وانه ما قدم هذا الأمر إلا من قناعته الخاصة التي يعتقد هو أنها مفيدة للكل. وهذه نقطة مهمة جداً في رأي لأنها تجعل نقطة الانطلاق واحدة.

 

ولنتفق على أن النقد هدية لها قواعد عند تقديمها يجب أن نعرف كيفية تقديمها لأجل أن يكون النقد مقبولاً ومرحباً به ، وعلينا أن نصوغ نقدنا بأسلوب جميل،مغلف بالإخلاص،وكلما كان النقد دقيقاً ومحقاً فيما ينتقد ، فسيكون وقعه الطيب وأثره المؤثر على نفس من ننتقد كبير.

والآن ننتقل إلى النقطة الشائكة …. هل المشروعات البحثية الحل الأنسب لمجابهة ما تمر به جمهورية مصر العربية فيما عرف بجانحة كورونا Covid19 في ضوء ما ذكرناه مقدماً.

 

 

عن هاني سلام

تعليق واحد

  1. ما شاء الله متألق كعادتك دكتورنا الرااائع …وفقك الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.